تفاقمت التهديدات التي تواجه البشرية، بعد أن أدت الأنشطة الصناعية على مدى عقود طويلة إلى استهلاك حيوية مكونات البيئة والمناخ.
وبينما يستمر العلم في ابتكار تقنيات جديدة لتسهيل الحياة ورفع مستويات الرفاهية، تزداد المشكلات والأخطار التي تعاني منها البشرية، وتهدد الإنسان على المدى القصير والمتوسط.
أكبر التهديدات التي تواجه البشرية
كشفت الطبعة التاسعة عشرة من تقرير المخاطر العالمية، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، أن تغيّر المناخ وعواقبه سيشكل أكبر المشكلات التي تواجه العالم، على مدى السنوات العشر المقبلة.
خلص التقرير إلى هذه النتيجة بناءً على آراء يقرب من 1500 خبير عالمي من الأوساط الأكاديمية وقطاع الأعمال والسياسة، الذين طُلب منهم تقييم 34 خطرًا عالميًا على مدى عامين و10 سنوات من أجل المسح السنوي لتصور المخاطر العالمية الذي يجريه المنتدى الاقتصادي العالمي.
ومع تراجع التضخم في معظم أنحاء العالم، لم يعد الخبراء يعتبرون أزمة تكاليف المعيشة القضية الأكثر إلحاحًا على المدى القصير.
وبدلاً من ذلك، يعتقدون أن المعلومات المضللة ستكون أخطر التهديدات التي تواجه البشرية خلال العامين المقبلين.
وفي ضوء توجه ما يقرب من ثلاثة مليارات شخص إلى صناديق الاقتراع في مختلف الاقتصادات الكبرى خلال تلك الفترة، فإن الاستخدام الواسع النطاق للمعلومات الخاطئة أو المضللة يمكن أن “يقوض شرعية الحكومات المنتخبة حديثًا” ويؤدي في النهاية إلى اضطرابات في شكل احتجاجات عنيفة، بما يشمل جرائم الكراهية أو حتى الإرهاب.
وبالنظر إلى أفق السنوات العشر، فمن المتوقع أن تظل المعلومات المضللة تشكل تهديدًا كبيرًا، ولكن من المتوقع أن تكون المخاطر الأربعة الأشد التي يواجهها العالم جميعها مرتبطة بتغير المناخ على مدى العقد المقبل.
وتشير الطبعة التاسعة عشرة من تقرير المخاطر العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي أن “العالم يعاني من ثنائي من الأزمات الخطيرة، والمتمثل في أزمة المناخ والصراعات المسلحة.
وتساهم التوترات الجيوسياسية، جنبًا إلى جنب مع اندلاع الأعمال العدائية النشطة في مناطق متعددة، في النظام العالمي غير المستقر، ويُنظر إليها باعتبارها إحدى أكبر التهديدات التي تواجه البشرية.
تتسم هذه الأحداث بالاستقطاب وتآكل الثقة وانعدام الأمن، بينما تتصارع البلدان مع تأثيرات الطقس المتطرف الذي حطم الأرقام القياسية، حيث إن جهود التكيف مع تغير المناخ وموارده لا ترقى إلى مستوى الأحداث المتعلقة بالمناخ وحجمها وشدتها.
ويساهم ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الفائدة وزيادة حالة عدم اليقين الاقتصادي في “الإحباط الواضح من الوضع الراهن”، والذي يعد بدوره أرضًا خصبة مثالية لانتشار المعلومات المضللة وتوسيع الشقوق في المجتمع.
ما أبرز التحديات التي تواجه الإنسان اليوم؟
يختلف تأثير التهديدات الرئيسية التي تواجه البشرية التي ذكرناها سلفًا من منطقة إلى أخرى، إلا أن هناك بعض القضايا تكاد تهدّد كل الناس تقريبًا.
وتشمل هذه التحديات التي تواجه الإنسان في العصر الحالي وحتى المستقبل القريب الأوبئة، مع استمرار ظهور الأمراض المعدية، والانتشار الكبير للأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض القلب.
ويساهم ضعف الأنظمة الصحية في بعض المناطق في تفاقم آثار الأمراض، مع وجود تحديات جديدة مثل مقاومة المضادات الحيوية.
وينتشر القلق والاكتئاب بشكل غير مسبوق نتيجة الضغوط الاقتصادية والاجتماعية حول العالم، إذ تشير تقارير منظمة الصحة العالمية أن الأمراض النفسية تؤثر على أكثر من مليار شخص عالميًا، مما يفرض تحديات كبيرة على الأفراد والمجتمعات.
ويؤدي الاعتماد المتزايد على التقنية يجعل البشر عرضة للاختراقات السيبرانية، التي قد تؤدي إلى تسريب بيانات حساسة أو تدمير البنية التحتية، فضلًا عن أن الاستخدام غير المنضبط لتقنية الذكاء الاصطناعي قد يتسبب في فقدان الوظائف البشرية أو اتخاذ قرارات تعرض البشرية للخطر.
وفي حين أن التغير المناخي يزيد من الكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات، فإن تأثيرها لا يتوقف عند المقيمين في مواقع الكوارث، بل يمتد إلى الآخرين لارتباطه بالأمن الغذائي ومصادر المياه.