تشهد الأسواق العالمية تغيرًا لافتًا في سلوك الباحثين عن عمل، حيث أصبح “البحث عن وظيفة” هدفًا لنسبة 51% من الموظفين، إما بمراقبة الفرص المتاحة أو بالسعي النشط نحو تغيير الوظيفة، وفقًا لاستطلاع حديث أجرته مؤسسة Gallup وشمل أكثر من 10,000 موظف أمريكي. هذا المعدل هو الأعلى منذ عام 2015، ويعكس ما يُعرف بـ “الانفصال الكبير” الذي يشعر فيه الأفراد بابتعاد متزايد عن ارتباطهم المهني بمؤسساتهم.
أولويات الباحثين عن وظيفة جديدة
تكشف الدراسة عن أربعة دوافع رئيسية تدفع الأفراد نحو البحث عن وظيفة جديدة، وجميعها تتعلق بمفاهيم تتعدى مجرد الراتب، وتلامس القيم الشخصية والتوازن بين العمل والحياة، وهي:
التوازن بين العمل والحياة والرفاهية الشخصية
ارتفعت نسبة من صنفوا هذا العامل كـ “مهم جدًا” من 53% قبل الجائحة إلى 59% حاليًا. لم يعد الموظفون يعتبرون رفاهيتهم مجرد امتياز، بل أولوية أساسية عند تقييم أي عرض عمل جديد.
الراتب والمزايا
يأتي الدخل كعامل مهم لـ 54% من الموظفين، ارتفاعًا من 41% قبل الجائحة. وشهدت فترة “الاستقالة الكبرى” ارتفاعًا كبيرًا في التوقعات المالية، مما زاد من صعوبة إرضاء الموظفين دون حزمة مزايا متكاملة. ويُتوقع أن تتأثر المفاوضات المالية في 2025 بالتقلبات الاقتصادية؛ حيث تتباين التوقعات ما بين تقليص الميزانيات (PayScale) وثباتها (Mercer).
الاستقرار والأمان الوظيفي
احتل هذا العامل المرتبة الثالثة بنسبة 54% من الأصوات، ويُعد عاملاً ثابتًا في اهتمامات الباحثين عن وظيفة، خاصة مع التحديات المتسارعة في سوق العمل بسبب الأتمتة والابتكار التكنولوجي.
وظيفة تُظهر أفضل ما لدي
يرى 48% من الموظفين أن وجود دور يتوافق مع مهاراتهم هو عنصر أساسي. وتشير الدراسات إلى أن توافق المهام مع نقاط القوة يعزز الأداء والرضا الوظيفي ويخفض معدل الدوران.
الفئات الأكثر تطلبًا في سوق العمل
رغم تشابه أولويات الباحثين عن وظيفة عبر الفئات، إلا أن هناك تفاوتًا ملحوظًا:
الجيل الأكثر تطلبًا؟
على عكس الشائع، فإن جيل الألفية (Millennials) – وليس الجيل Z – هو الأكثر تطلبًا في سوق العمل، ويمنح أولوية أكبر للتوازن الوظيفي والدخل والاستقرار.
الفروقات حسب الدور الوظيفي:
- القادة التنفيذيون يفضلون الاستقلالية (40%) أكثر من المديرين (31%) أو الموظفين (29%).
- العاملون في المجالات المعرفية يفضلون الوظائف المتوافقة مع نقاط قوتهم (52%) أكثر من العاملين في الصفوف الأمامية (36%).
- النساء أكثر ميلًا لترك وظيفة فيها مدير سيء (38%) مقارنة بالرجال (29%).
توقعات سوق العمل في 2025
رغم أن عام 2024 شهد تراجعًا في معدلات التوظيف وصعوبات اقتصادية، فإن مؤشرات 2025 تبدو أكثر تفاؤلًا، مع ارتفاع نوايا التوظيف وعودة الاهتمام بتطوير بيئة العمل.
لكن، تبقى الاستقلالية، وبيئة العمل الداعمة، وفرص التطور المهني، إضافة إلى التوازن بين الحياة والعمل عوامل حاسمة في معادلة الاحتفاظ بالكفاءات، وجذب المواهب في ظل سوق عمل تنافسي.
في النهاية، فإن البحث عن وظيفة في 2025 لا يقتصر على الراتب، بل هو بحث عن قيم، وتجربة مهنية متكاملة تستحق الالتزام.