صار التحول التقني سمة لعالمنا المتسارع والمتغير بسرعة، حيث تؤثر التقنية على كل جوانب حياتنا اليومية.
ومع تطور الابتكارات الرقمية يصبح من الضروري أن تبقى الشركات والأفراد على دراية بأحدث الاتجاهات لتوظيف أحدث التطورات في تقنية المعلومات بشكل فعال.
لذلك من المهم استعراض أهم ما تضمنه تقرير Globant حول “الاتجاهات التقنية لعام 2024″، وهو التقرير الذي يقدم نظرة شاملة عن التطورات المحتملة التي ستشكل المشهد التقني.
ويرصد التقرير أبرز التوجهات التي توقع أن تهيمن على المجال التقني في عام 2024، مع التركيز على كيفية تأثيرها على الصناعات المختلفة والتحديات والفرص التي قد تطرأ. كما يتناول التقرير المجالات الرئيسية مثل الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، التحول الرقمي، الأمن السيبراني، تقنيات الواقع الممتد، والابتكارات في الرعاية الصحية، بالإضافة إلى الحوسبة الكمومية والروبوتات، والتكنولوجيا الحيوية والابتكارات المستدامة.
الذكاء الاصطناعي يقود التحول التقني
وذكر التقرير أن 73% من المستهلكين الذين استطلع آراءهم قالوا إنهم على دراية ولو قليلاً بتقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل ChatGPT، التي يمكنها إنشاء محتوى بأشكال مختلفة مثل الصوت والرمز والصور والنص والفيديو وما إلى ذلك.
فيما أفاد 96% من المستهلكين أنهم يعتقدون أنه من المهم أن تكون الشركات شفافة بشأن كيفية ومتى تستخدم الذكاء الاصطناعي في منتجاتها أو خدماتها.
وتقول كارولينا دولان تشاندلر، الرئيسة الرقمية لشركة Globant، إنه “عندما تذهب إلى موقع ويب الآن على هاتفك، ولا يكون مُحسَّنًا للأجهزة المحمولة، فإنك تقرر ما إذا كنت تريد التعامل معهم. أعتقد أننا سنكون في نفس الموقف بعد خمس سنوات فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي. إذا لم تعمل الشركات على تحسين عملياتها وخبراتها باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي المتكاملة، فسوف يشكك العملاء في شرعيتها”.
الحوسبة الكمومية أحد ممكّنات التحول التقني
شملت قائمة أحدث التكنولوجيا في العالم 2024 تبنيًّا من قبل مؤسسات الأعمال الحوسبة الكمومية.
وفي عام 2024، بدأت العديد من المؤسسات في فهم كيف يمكن للحوسبة الكمومية أن تؤثر على أعمالها.
ومن المرجح أن تكون التطبيقات في مجالات البيانات والحوسبة الغنية، مثل التمويل والبحث الصيدلاني، أول من يهتم ويستثمر إذا لم تكن قد فعلت ذلك بالفعل.
وذكر التقرير أنه سوف تحقق الحوسبة الكمومية تقدمًا ملحوظاً، مع استمرار الشركات والمختبرات في تطوير أنظمة كمومية أكثر قوة وقدرة على معالجة بيانات أكثر تعقيداً، إذ ستسمح هذه التقنية بحل مشكلات تتجاوز قدرات الحوسبة التقليدية.
فيما ستصبح التطبيقات الكمومية في مجالات مثل البحث العلمي، والتمويل، والذكاء الاصطناعي أكثر وضوحًا. على سبيل المثال، ستساهم الحوسبة الكمومية في تحسين الخوارزميات المستخدمة في تحليل البيانات الكبيرة وتطوير أدوية جديدة.
بينما ستظل تحديات التحول التقني مثل استقرار الكيوبتات (الوحدات الكمومية) وتصحيح الأخطاء الكمومية قائمة، لكن تقدم الأبحاث والتطوير سيعمل على التغلب على هذه المشكلات تدريجياً.
وحسب التقرير فإنه “تجتذب الحوسبة الكمومية المزيد والمزيد من الاهتمام – بما في ذلك من شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الناشئة والحكومات ووسائل الإعلام. تقدر قيمة سوق الحوسبة الكمومية بـ 866 مليون دولار في عام 2023 ومن المتوقع أن تصل إلى 4375 مليون دولار بحلول عام 2028”.
كما تلعب الحكومات دورًا رئيسيًا في سباق الكم ضمن رحلة التحولات التقنية.
ستستثمر كندا 40 مليون دولار لبناء وتسويق أول كمبيوتر كمي قائم على الفوتون ومقاوم للأخطاء في العالم. وعلى نحو مماثل، ستستثمر وزارة الطاقة الأمريكية 24 مليون دولار في أبحاث الشبكات الكمومية، فيما يتجاوز الاستثمار العالمي في الحوسبة الكمومية 38.6 مليار دولار.
وحسب مسح أولويات فورستر لعام 2022، فإن 73% من صناع القرار والمؤثرين في مجال الأعمال والتقنية في جميع أنحاء العالم لديهم بعض المعرفة حول حلول مراقبة الجودة الناشئة، و65% منهم يعتبرون مراقبة الجودة ضرورية لمنظماتهم.
توسع استخدام الروبوتات
ويقول التقرير إن الروبوتات ستصبح أكثر ذكاءً ومرونة بفضل دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. وستتمكن الروبوتات من أداء مهام أكثر تعقيدًا في بيئات متنوعة، مما يزيد من قابليتها للتكيف مع احتياجات الصناعة والخدمات.
ولفت كذلك إلى أنه سيتوسع استخدام الروبوتات في التصنيع والخدمات اللوجستية، مما يعزز الكفاءة ويقلل من التكاليف، علماً بأنه ستكون الروبوتات قادرة على أداء المهام بدقة أكبر وبسرعة أعلى، مما يؤدي إلى تحسين الإنتاجية، وهو تطبيق عملي لإجراء التحول التقني.
وستشهد صناعة الرعاية الصحية زيادة في استخدام الروبوتات في العمليات الجراحية، والعلاج البدني، ورعاية المرضى، إذ ستساهم في تحسين دقة الإجراءات الطبية وتوفير رعاية شخصية أكثر فعالية.
كما سيستمر تحسين قدرات التفاعل بين البشر والروبوتات، بما في ذلك تطوير تقنيات لجعل الروبوتات أكثر قدرة على فهم المشاعر والتفاعل بطريقة أكثر طبيعية مع البشر.
ويذكر التقرير أنه “بحلول عام 2027، سيزداد استخدام الروبوتات في القطاعات غير التقليدية، وأبرزها التفتيش والصيانة عن بعد، بنسبة 35%، مما يؤدي إلى انخفاض أخطاء التفتيش بنسبة 50%.
وتقول سالارفاند، نائب الرئيس التنفيذي الأول للاستراتيجية والنمو في Globant: “لقد دخلت الروبوتات مجال “غير التصنيع” حيث كانت تُستخدم تقليديًا للأتمتة والكفاءة. بدأنا نرى استثمارات في معاملات التجارة والأغذية والمشروبات، على سبيل المثال، حيث تستفيد المهام من اختبار ماكينة بطاقات الائتمان إلى إزالة الصواني من قدرات الروبوتات”.
وستساعد الروبوتات بعض المنظمات على البقاء قادرة على المنافسة، وتحسين الجودة، وتقديم الدعم للفرق الداخلية. ويشير الاتحاد الدولي للروبوتات إلى أن عدد الروبوتات العاملة على مستوى العالم بلغ 3.5 مليون روبوت في عام 2023، حيث تقدر قيمة التركيبات بنحو 15.7 مليار دولار. وفي صناعات السيارات والرقائق الدقيقة، تعمل الروبوتات على توفير الطاقة والتكاليف، ودعم إعادة التصنيع، بل وحتى تجديد الروبوتات التي تصل مدة خدمتها إلى 30 عاماً.
تقنية “البلوك تشين”.. لا تناسب الجميع
ولا تعد تقنية “البلوك تشين” حلاً يناسب الجميع، حسب التقرير، الذي ذكر أنه في حين أن إمكاناتها هائلة، فمن الضروري أن نفهم ما إذا كانت يمكن أن تفيد عملك وكيف.
وتقول دييجو تارتارا، كبير مسؤولي التكنولوجيا العالميين في Globant: “يتجه العالم نحو حفظ البيانات باستخدام تقنية blockchain والحوسبة الكمومية ضمن مسيرة التحول التقني. هناك إمكانية هائلة لكل شخص لامتلاك بياناته وإعطاء كل شخص الحرية في كيفية إتاحتها. وتتمثل الإمكانية الأعظم في التحكم في الهوية الرقمية”.
وتقنية “البلوك تشين” هي نوع من قواعد البيانات اللامركزية التي تُستخدم لتخزين البيانات بطريقة مؤمنة وشفافة. تُمكن هذه التقنية من تسجيل المعاملات أو البيانات بشكل متسلسل وموثوق به دون الحاجة إلى طرف ثالث موثوق.
كما تُعرف “البلوك تشين” بأنها سلسلة من الكتل (Blocks) المرتبطة ببعضها البعض، حيث تحتوي كل “كتلة” على مجموعة من المعاملات أو البيانات، بالإضافة إلى “الهاش” الخاص بالكتلة السابقة.
وفي عام 2024، ستستمر الصناعات ذات الصلة في الاستثمار في هذه التقنية، حسبما يقول التقرير، مع تحديدها “الحوكمة المثالية وإيجاد الطريق إلى الأمام للتوافق بين الأنظمة.
ويقول دييجو تارتارا، كبير مسؤولي التكنولوجيا العالميين في Globant: “يتجه العالم نحو حفظ البيانات باستخدام تقنية blockchain والحوسبة الكمومية. هناك إمكانية هائلة لكل شخص لامتلاك بياناته وإعطاء كل شخص الحرية في كيفية إتاحتها. وتتمثل الإمكانية الأعظم في التحكم في الهوية الرقمية”.
وفي سياق متصل، يقول التقرير إنه لا يزال عالم الميتافيرس يثير اهتمام اللاعبين الرئيسيين والمبتكرين. فقد استثمرت شركات التقنية الكبرى وأصحاب الرؤى ما يقدر بنحو 180 مليار دولار في القطاع.