مراقبة الأرض.. كيف تساهم البيانات في تحقيق الفرص الاقتصادية والتنمية المستدامة وحماية البيئة؟

في عالم اليوم الذي يشهد تغيرات بيئية سريعة وتحديات متعددة على صعيد الاستدامة، أصبح من الضروري البحث عن حلول مبتكرة لإدارة موارد كوكبنا بشكل أكثر فاعلية.. وتُعد “مراقبة الأرض” عبر الأقمار الصناعية واحدة من الأدوات الرئيسية التي تُمكّن الحكومات والمؤسسات من اتخاذ قرارات مبنية على بيانات دقيقة لدعم التنمية المستدامة والاستدامة البيئية.

في هذا التقرير، نستعرض كيف تُستخدم بيانات مراقبة الأرض لتحسين إدارة الموارد الطبيعية ودفع عجلة الاستدامة، وفقًا لتحليل وأرقام وبيانات صادرة عن شركة ديلويت.

ما هي بيانات مراقبة الأرض؟

تُنتج بيانات رصد الأرض من خلال أجهزة استشعار متنوعة مثل الأقمار الصناعية، الطائرات، وأجهزة الاستشعار الأرضيةـ هذه البيانات توفر معلومات دقيقة عن الخصائص الطبيعية للأرض والأنشطة البشرية، ما يساعد في فهم التغيرات البيئية والإدارية التي تحدث حولنا. مع تطور الذكاء الاصطناعي، أصبحت هذه البيانات أداة قوية لرصد التغيرات البيئية ودعم الامتثال للأنظمة البيئية والاجتماعية.

مراقبة الأرض وتحقيق التنمية المستدامة

يُمكن لاستخدام بيانات رصد الأرض أن يُتيح فرصًا هائلةً في تقاطع التنمية المستدامة، والطبيعة والمناخ، واستخدام الأراضي، ويُمكنه مساعدة المؤسسات على التحقق من توجهات استثماراتها، وتمكين الحكومات والمؤسسات من فهم تأثيرها الملموس على الطبيعة.

تمثل الأقمار الصناعية مصدرًا غنيًا للبيانات حول خصائص الأرض الطبيعية والنشاطات البشرية التي تؤثر فيها، تتيح هذه البيانات للمؤسسات والحكومات تتبع التغيرات البيئية بشكل مستمر ودقيق. على سبيل المثال، يمكن لأقمار رصد الأرض تتبع أنماط الطقس، وتحليل تغيرات استخدام الأراضي، واكتشاف المخاطر البيئية مثل الفيضانات أو الحرائق.

القيمة العالمية لبيانات مراقبة الأرض

وفقًا للتوقعات الأولية من التحليل الاقتصادي الذي ساهمت فيه شركة ديلويت، بلغت القيمة العالمية لبيانات مراقبة الأرض حوالي 266 مليار دولار أمريكي في عام 2023، ومن المتوقع أن ينمو هذا إلى أكثر من 700 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030.

وخلال نفس الفترة، يمكن أن يساهم هذا بتأثير تراكمي قدره 3.8 تريليون دولار أمريكي في الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وهو ما يُظهر النمو السريع لهذه الصناعة.

تأثير بيانات مراقبة الأرض على الزراعة

الزراعة أحد القطاعات الأكثر استفادة من بيانات مراقبة الأرض، حيث تساعد المزارعين على تحسين ممارساتهم وتقليل استهلاك الموارد، من خلال تتبع صحة التربة ومراقبة جودة المياه، يمكن للمزارعين اتخاذ قرارات أكثر استدامة. بالإضافة إلى ذلك، تساهم بيانات الأقمار الصناعية في تحسين إدارة المحاصيل والموارد الطبيعية، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية وتقليل الأثر البيئي.

الاستدامة البيئية وبيانات مراقبة الأرض

كيف تُساعد مراقبة الأرض في الحفاظ على كوكبنا؟ تُعد مراقبة الأرض عبر الأقمار الصناعية أداة قوية للحد من الآثار السلبية للأنشطة البشرية على البيئة. باستخدام هذه البيانات، يمكننا مراقبة الانبعاثات الكربونية وتقليلها، ومتابعة تدهور الغابات، ومنع إزالة الغابات غير القانونية. كما تساهم هذه البيانات في تعزيز الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ وتطوير حلول بيئية مستدامة.

دور الحكومات في استخدام بيانات مراقبة الأرض

تُمكّن بيانات مراقبة الأرض الحكومات من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن سياسات التنمية المستدامة وحماية البيئة. من خلال توفير شفافيات أكبر في سلسلة التوريد، يمكن للحكومات متابعة تأثير الأنشطة الاقتصادية على البيئة وفرض السياسات التي تساهم في تقليل الأثر البيئي وتحقيق الاستدامة.

الفرص الاقتصادية لبيانات مراقبة الأرض

وفقًا للتحليلات فإن ما يقرب من 94% من القيمة الإجمالية لبيانات مراقبة الأرض الممكنة بحلول عام 2030 تأتي من التطبيقات في 6 صناعات أساسية، وهي: الزراعة؛ والكهرباء والمرافق، والخدمات الحكومية والعامة وخدمات الطوارئ؛ والتأمين والخدمات المالية، والتعدين والنفط والغاز، وسلسلة التوريد والنقل.

تُشكل هذه القطاعات الستة الحيوية معظم التطبيقات التي جرى تقييمها.. ومن المرجح أن تشهد قطاعات أخرى، مثل التصنيع والخدمات المهنية والبناء والإعلام والسياحة، بعض المكاسب، وإن لم تكن فورية أو بنفس مدى القطاعات الستة الأساسية. ومع تطور السوق وتداخله مع تقنيات رائدة أخرى، من المرجح أن يكشف عن تطبيقات إضافية مثيرة للاهتمام قد تتوسع بشكل مختلف.

مراقبة الأرض والفرص والفوائد المهمة الأخرى

اعتبارًا من عام 2023، بلغ إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية حوالي 37.4 جيجا طن سنويًا، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية، وباستخدام هذه البيانات وتطبيقها مباشرة، يُمكن خفض الانبعاثات بحوالي 2 جيجا طن سنويًا، وللتوضيح، يُعادل هذا تقريبًا إزالة انبعاثات 476 مليون مركبة بمحركات احتراق داخلي من الطرق.

هذا لا يحل مشكلة تغير المناخ برمتها، ولكنه يوفر فرصة مثيرة للاهتمام، هذا أحد الحلول واسعة النطاق التي، عند تطبيقها على نطاق واسع، يمكن أن يكون لها تأثير هائل.