تلعب القيادة دورًا أساسيًا في الحياة الحديثة، حيث تؤثر على كل شيء، بدءًا من السلطة السياسية وصولًا إلى العلاقات الأسرية. يواجه القادة اليوم تحديات معقدة وعميقة، مثل تغيّر المناخ، والنزاعات، والذكاء الاصطناعي، مما يفرض عليهم اتخاذ قرارات تؤثر بشكل مباشر على حياة أتباعهم. في هذا العالم المتغير، من الضروري أن يدرك القادة الأسباب التي تدفع الناس لاتباعهم.
استنادًا إلى أحدث دراسات مؤسسة غالوب، التي شملت استطلاعات رأي في 52 دولة، توصلت النتائج إلى أن أهم احتياج لدى الأفراد من قادتهم هو الأمل، يليه الثقة، ثم التعاطف، وأخيرًا الاستقرار.
هذه الاحتياجات الأربعة ثابتة بغض النظر عن الدولة أو الفئة الديموغرافية أو طبيعة القائد، كما أن تلبيتها تساهم في تحسين مستوى الرفاهية لدى الأفراد، وتقليل المعاناة.
ثلاثة مفاهيم أساسية للقادة الناجحين
لكي يتمكن القادة من مواجهة تحديات العصر بنجاح، يجب أن يدركوا ثلاثة أمور رئيسية:
- معرفة احتياجات الأتباع: الأمل، الثقة، التعاطف، والاستقرار.
- معرفة أنفسهم: الاستثمار في نقاط القوة الفطرية وتعزيزها، ومعرفة متطلبات دورهم القيادي: وفهم التوقعات المرتبطة بهذا الدور.
أبرز احتياجات الناس من القادة
الأمل هو الاحتياج الأساسي للأتباع حول العالم: حيث يشير 56% من الصفات المرتبطة بالقادة المؤثرين إلى الأمل، مما يجعله أكثر أهمية من الثقة (33%).
رغبة الأفراد في الأمل تختلف حسب الفئات: الشباب (18-29 عامًا) يرون الأمل كعامل رئيسي (57%)، كما تبرز هذه الحاجة بقوة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ (59%)، وعند تقييم القادة التنظيميين (64%).
غياب الأمل يزيد معدلات المعاناة: عندما لا يمنح القادة الأمل لأتباعهم، فإن نسبة الذين يشعرون بالرفاهية تقل، وترتفع نسبة المعاناة.
على سبيل المثال، بين الأفراد الذين لا يربطون قائدهم الأكثر تأثيرًا بمفهوم الأمل، فإن 33% يُصنَّفون على أنهم يزدهرون، و9% يعانون. بينما عند تلبية احتياج الأمل، ترتفع نسبة المزدهرين إلى 38% وتنخفض المعاناة إلى 6%.
القادة في بيئات العمل يمتلكون القدرة الأكبر على التأثير الإيجابي: حيث أن 34% من الموظفين الذين يعملون لدى مؤسسات يرون أن مديرهم أو قائدهم التنظيمي هو الأكثر تأثيرًا في حياتهم اليومية، مقابل 44% يعتقدون أن أفراد العائلة هم الأكثر تأثيرًا.
ماذا يعني أن تكون قائدًا ناجحًا؟
ما الذي يجعل القائد جيدًا؟ هل هي الشجاعة؟ أم الإلهام؟ أم القدرة على الابتكار؟
إن متطلبات القيادة معقدة، لكن الأساس الحقيقي لكونك قائدًا ناجحًا يكمن في تلبية احتياجات من يتبعونك.
شهدت السنوات الأخيرة تغيّرات عميقة في العالم، بما في ذلك الصراعات المسلحة، وتغيّر المناخ، والأوبئة، والتضخم، والتطور السريع في الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، لا يزال دور القيادة حاضرًا في جميع جوانب الحياة الحديثة، سواءً في دوائر السلطة السياسية، أو في المنازل، أو في أماكن العمل.
القيادة في جوهرها هي العلاقة بين القادة وأتباعهم داخل بيئتهم. ويجب على القادة اليوم التكيف مع البيئات المتغيرة بسرعة واتخاذ قرارات تؤثر بشكل مباشر على حياة الأفراد الذين يتبعونهم.
لقد أظهرت الدراسات الأكاديمية أن خصائص القيادة الفعالة مستقرة عبر الزمن، لكن منظور الأتباع لطبيعة القيادة لم يكن حاضرًا في النقاشات السابقة حول القيادة. لذا، قررت مؤسسة غالوب قبل 20 عامًا أنه لفهم القيادة بشكل أعمق، يجب الاستماع إلى أصوات الأتباع أنفسهم.
في عام 2005، كشفت دراسة ممثلة لـ 10,000 شخص في الولايات المتحدة عن أربعة احتياجات أساسية للأتباع. وتم تأكيد هذه النتائج مجددًا في عام 2008 عبر دراسة شملت 10 دول.
في عام 2024، وسّعت مؤسسة غالوب نطاق بحثها لفهم القيادة في سياق المتغيرات الحديثة، ولمعرفة ما إذا كانت الاحتياجات الأربعة للأتباع لا تزال قائمة عالميًا.
أسئلة البحث الأساسية
استنادًا إلى دراسة شملت أكثر من 30,000 شخص في 52 دولة، والتي تمثل حوالي 76% من سكان العالم البالغين وأكثر من 86% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، طرحت غالوب سؤالين رئيسيين:
من هو القائد الذي كان له التأثير الإيجابي الأكبر على حياتك اليومية؟
اذكر ثلاثة كلمات تصف ما يضيفه هذا القائد إلى حياتك؟
ساعدت هذه الأسئلة في فهم الجوانب التي يبحث عنها الأتباع في قادتهم، فلم يسبق لأي بحث آخر أن استكشف احتياجات الأتباع عبر عينة كبيرة بهذا الحجم على مستوى العالم. وتُعتبر هذه النتائج محورية ليس فقط للقادة الحاليين الذين يسعون إلى تقييم أدائهم، ولكن أيضًا لأولئك الذين يطمحون إلى القيادة.
استنتاجات أساسية حول القيادة وتأثيرها
لم تكن هذه الدراسة تهدف فقط إلى تحديد ما الذي يجعل القادة ناجحين، بل إلى تحليل التفاعل بين احتياجات الأتباع، ومعرفة القادة لأنفسهم، ومتطلبات أدوارهم القيادية.
يتطلب النجاح القيادي فهمًا عميقًا لما يتوقعه الأتباع من قادتهم. وعند غياب هذا الفهم، يصبح تحقيق القيادة الناجحة أمرًا موضع شك.