أعادت رؤية المملكة 2030 صياغة قطاع البناء والتشييد بالمملكة كأحد القطاعات الإنتاجية الحيوية الدافعة للتنمية، والتي تسهم في الناتج المحلي الإجمالي من جهة، وتلبّي احتياجات البلاد مع النمو المتوقع في السكان والاستثمارات على السواء.
ومع دخولنا عام 2024، يظل سوق البناء في السعودية مزدهرًا، بالنظر إلى حجم المشاريع التي يتم الإعلان عنها بجميع أنحاء المملكة.
أصدرت شركة “Currie And Brown” المتخصصة في مجال إدارة التكاليف والمشاريع والخدمات الاستشارية، تقريرًا يقدم نظرة على سوق البناء السعودية، لتوقع اتجاهات القطاع على المدى القصير والطويل، عبر تحليل أحدث البيانات الاقتصادية.
توقعات إيجابية
يرى التقرير مستقبلًا مشرقًا لسوق البناء السعودية، مع ضمان وجود خط أنابيب قوي بحلول عام 2030، مما يعزّز نشاط البناء في المستقبل القريب، إلى جانب استضافة معرض “إكسبو” بنهاية العقد الحالي، واستضافة البلاد لكأس العالم 2034.
ويتوقع التقرير أن يظل مؤشر أسعار العطاءات ثابتًا على المدى القصير والمتوسط، حيث يجري العمل على المشاريع قيد التنفيذ في ظل معدّل تضخم منخفض.
وفي حال استمر العرض في تلبية الطلب، فإن التوقعات تشير إلى زيادة في المؤشر بنسبة تتراوح بين 5% إلى 7% بعد الانتهاء من هذه المشاريع.
ويستخدم هذا المؤشر في العديد من الأغراض العملية في قطاع البناء والتشييد، حيث يعكس أوضاع السوق المتوقعة بناء على اتجاهات التكلفة وتسعير الإنشاءات.
أشار التقرير إلى تراجع التضخم من 3.4% في مطلع عام 2023 إلى 1.7% في نوفمبر، وهو ما دفع سوق البناء إلى الازدهار المطرد منذ الربع الثاني من السنة الماضية.
ويشير هذا إلى أن الطلب على مواد البناء والعمالة يتم تلبيته، رغم تأثر أسعار السلع الأساسية باستمرار “أوبك” في خفض الإنتاج، واستمرار الطلب على النفط والغاز نتيجة للصراع في أوكرانيا.
وبعد انخفاض أسعار الأسمنت العام الماضي، لا يتوقع التقريع ارتفاعها على المدى القصير، كما يمكن أن نشهد زيادة في العرض استجابة لقوة السوق.
وترتبط هذه التوقعات المتفائلة بالتغير في معدل التضخم للبلاد، فبعد فترة طويلة من الزيادات على مدى العامين الماضيين، سجل انخفاضًا بنسبة 1.7% في الربع الثالث من 2023.
ويعود ذلك للتخفيضات الطوعية في إنتاج النفط في محاولة لتحقيق الاستقرار في السوق، مما أدى إلى انخفاض النشاط النفطي بنسبة 17% مقارنة بالعام السابق.
وعلى الرغم من الانكماش الحاد، يتوقع التقرير أن يظل النمو في الناتج المحلي الإجمالي إيجابيًا لعام 2024، مع تقديرات تضعه عن مستوى نمو يصل إلى 4.4%.
تكاليف أصول البناء
عرض التقرير أرقامًا تبيّن تكاليف البناء في السعودية لمختلف أنواع البيانات، قياسًا على الأسعار في منطقة الرياض.
وفقًا للتقرير، تبلغ تكلفة بناء المتر المربع الواحد في فندق ينتمي للفئة الاقتصادية من 7 إلى 10.5 ألف ريال سعودي، ويرتفع هذا الرقم ليترواح بين 9.5 و13 ألف ريال للفئة المتوسطة، بينما يصل إلى 16.2 ألف ريال في الفئة الراقية.
وبالنسبة لمقار الأعمال التجارية، تبلغ تكلفة تشييد المتر المربع الواحد في مكتب منخفض الارتفاع من 5 إلى 7 آلاف ريال، وفي حالة المكتب المتوسط الارتفاع تتراوح التكلفة بين 5.5 و8 آلاف ريال.
وترتفع التكلفة في المكاتب الشاهقة حيث تتراوح بين 6 و10 آلاف ريال، وتصل التكلفة الأعلى في هذه الفئة إلى 1.5 ألف ريال.
وتتراوح أقل تكلفة بناء للمتر المربع في البنايات السكنية بين 4.5 و6 آلاف ريال، وفي حالة المنازل متوسط الارتفاع تبلغ التكلفة من 5.5 إلى 7.5 ألف ريال.
ويصل السعر الأعلى لبناء المتر المربع في المنازل عالية الارتفاع إلى 9.5 ألف ريال، بينما تتراوح التكلفة في الفلل بين 6 و12 ألف ريال.
وكشف التقرير أن تكلفة بناء المتر المربع في المحلات التجارية يتراوح بين 5 و6.5 ألف ريال، وترتفع التكلفة في المولات لتتراوح بين 6.2 و7.4 ألف ريال.
وبالنسبة للمدارس والأكاديميات التعليمية، تتراوح التكلفة بين 5.6 و6.8 ألف ريال للمتر المربع الواحد، فيما تبلغ تكلفة نفس المساحة في المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية من 9.2 إلى 13.1 ألف ريال.
توصيات لتطوير سوق البناء السعودية
وضع التقرير مجموعة من التوصيات من شأنها تعزيز نمو القطاع، وذكر أنه مع تزايد الضغوط لإظهار التقدم في المشاريع العملاقة على المدى الطويل، ستحتاج سلسلة التوريد إلى التطور، إما عن طريق الابتكار أو التوسع لتلبية الطلب؛ للتأكد من أن كل مشروع يحقق أهدافه ويستم تسليمه في الموعد المخطط له.
ومن المهم بالنسبة لشركات التشييد والبناء التعاقد ع شركاء سلسلة التوريد الأكفاء، وإعادة هيكلة استراتيجية الشراء بما يتناسب مع أهدافها.
وبالإضافة إلى ذلك، يتعين أن تكون التصميمات الأولية للمشاريع الإنشائية مراعية لقيود سلسلة التوريد المحتملة، من خلال اللجوء إلى حلول الإنتاج خارج الموقع أو زيادة استخدام المكونات الصالحة لأغراض متعددة.
فضلًا عن ذلك، يتعين على الشركات الاعتماد على مقدّمي الخدمات الاستشارية لإدارة المرافق، بدءًا من محلة التصميم، بما يضمن الكفاءة طوال دورة حياة المبنى.
ومن ناحية أخرى، على الشركات منح الأولوية للاستدامة، والتي تشكّل جزءًا أساسيًا من رؤية المملكة 2030 لتحقيق صافي صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2060.
بحسب التقرير، يجب النظر في تدابير الاستدامة في أقرب وقت ممكن، بدءًا من مرحلة التصميم؛ للمساعدة في تخفيف التكاليف الإضافية التي قد تنجم عن الحاجة إلى تحقيق معايير التقييم البيئي في وقت لاحق.
وفي إطار تحقيق الاستدامة، على الشركات استخدام عناصر البناء الجاهزة، واللجوء إلى الحلول الإبداعية في التشييد، التي تضمن أقل قدر ممكن من الانبعاثات.
ملخص التقرير
– تتوقع شركة “Currie And Brown” نموّ قطاع البناء السعودي على المدى المتوسط نتيجة لبرامج رؤية 2030
– بعد انخفاض أسعار الأسمنت العام الماضي، لا يتوقع التقريع ارتفاعها على المدى القصير، كما يمكن أن نشهد زيادة في العرض استجابة لقوة السوق.
– تعزى التوقعات المتفائلة على المدى القصير إلى تراجع مستوى التضخم عند 1.7% في نوفمبر 2023، وتقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.4% في 2024.
– تبلغ تكلفة بناء المتر المربع الواحد في فندق ينتمي للفئة الاقتصادية من 7 إلى 10.5 ألف ريال، بينما يتكلف تشييد نفس المساحة في مكتب للأعمال التجارية متوسط الارتفاع بين 5.5 و8 آلاف ريال.
– ويصل السعر الأعلى لبناء المتر المربع في المنازل عالية الارتفاع إلى 9.5 ألف ريال، بينما يتكلف تشييد نفس المساحة في المدارس والأكاديميات التعليمية بين 5.6 و6.8 ألف ريال.
– مع تزايد الضغوط لإظهار التقدم في المشاريع العملاقة على المدى الطويل، تحتاج الشركات إلى تطوير سلسلة التوريد، إما عن طريق الابتكار أو التوسع لتلبية الطلب.
– يتعين أن تكون التصميمات الأولية للمشاريع الإنشائية مراعية لقيود سلسلة التوريد المحتملة، من خلال اللجوء إلى حلول الإنتاج خارج الموقع أو زيادة استخدام المكونات الصالحة لأغراض متعددة.
– على الشركات الإنشائية منح الأولوية للاستدامة، والتي تشكّل جزءًا أساسيًا من رؤية المملكة 2030 لتحقيق صافي صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2060.