Search
Close this search box.

كيف تحول الشرق الأوسط إلى مركز رئيسي للطيران؟

قبل أربعين عامًا، كانت معظم شركات الطيران الدولية تنظر إلى الأسواق الرئيسية في الشرق الأوسط باعتبارها محطة فنية بحتة في طريقها من أوروبا إلى جنوب شرق آسيا، وتوفر وقودًا رخيصًا في الساعات الأولى من الصباح عندما تعبر طائراتها مساراتها في مكان ما فوق المحيط الهندي على ارتفاع 35000 قدم.

لكن الآن، تغير الأمر. وبحلول عام 2024، أصبحت منطقة الشرق الأوسط واحدة من أسرع الأسواق نموًا في العالم، حيث تتنافس شركات الطيران العالمية الرائدة على تشغيل أكثر الشبكات شمولاً في العالم بأعلى مستويات الخدمة الممكنة.

 

مركز لصناعة الطيران

لا يمكن وصف التحول إلا بأنه لا يصدق، حسبما يقول تقرير مطوّل من OAG يركز على سوق الطيران في الشرق الأوسط. التقرير يذكر أن المنطقة أصبحت مركزًا لصناعة الطيران، وتربط كل مدينة رئيسية تقريبًا في العالم بواحد على الأقل من المراكز الرئيسية في المنطقة.

وفي صناعة الطيران، التغيير مستمر؛ والابتكار هو حدث يومي ويتم تجاوز الحدود إلى الأبد. وهذا يساهم في صناعة مثيرة تمثل ناتجًا محليًا إجماليًا يبلغ 3.5 تريليون دولار أمريكي، وفق التقرير.

ويتطرق التقرير إلى عدة نقاط ومحاور؛ على رأسها: كيف حقق الشرق الأوسط نجاحًا كبيرًا في نموه على مدى السنوات الأربعين الماضية، مع تسليط الضوء على بعض الإحصائيات اللافتة عن واقع قطاع الطيران بالمنطقة، والتوقعات المستقبلية بشأنه.

 

نمو مستمر

في عام 2000، احتلت منطقة الشرق الأوسط المرتبة السابعة عالميًا من حيث حجم سوق الطيران بواقع 70 مليون مقعد سنويًا. ومن المتوقع هذا العام 2024 أن يبلغ عدد المقاعد 257 مليون مقعد، على مسافة قريبة من جنوب آسيا التي تهيمن عليها السوق المحلية الهندية.

ومنذ عام 2000، بلغ معدل النمو السنوي المتوسط ​​6.8%، وهو ضعف المعدل العالمي. وإذا تم قياسه بعدد المقاعد المتاحة بالكيلومترات (ASKs) بحكم أطوال القطاع الأطول عادةً والقدرة الاستيعابية للطائرات ذات الهيكل العريض التي يتم تشغيلها من المنطقة، فإن معدل النمو السنوي المتوسط ​​يرتفع إلى ما يزيد قليلاً عن 9%.

1 1 1

وفي حين تهيمن سوقان – الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية – فإن هياكل السوق فيهما مختلفة جدًا. ففي المملكة العربية السعودية، يتم تشغيل 45% (33.6 مليون) من المقاعد على الخدمات المحلية، في حين أن سوق الإمارات العربية المتحدة هي 100% من القدرة الدولية.

وتمثل هاتان السوقان معًا 61% من إجمالي سعة شركات الطيران في المنطقة، وعندما تضاف قطر إلى المركز الثالث، فإن الأسواق الثلاثة الأولى مسؤولة عن ما يقرب من ثلاثة أرباع إجمالي القدرة في المنطقة، وفق التقرير. 

وبالتوازي مع نمو السوق، زاد عدد شركات الطيران العاملة في الشرق الأوسط منذ مطلع القرن. ففي عام 2000، قامت 135 شركة طيران مجدولة بتشغيل خدماتها، ثم بلغت ذروتها في عام 2023 مع تشغيل 213 شركة طيران.

ويُظهِر التوازن بين شركات الطيران الإقليمية المحلية وغير المقيمة أن عدد شركات الطيران المحلية تضاعف في السنوات العشرين الماضية، إلى 36 شركة في عام 2023 مقارنة بـ 177 شركة طيران مقرها في الخارج. 

2 1

وبالعودة إلى عام 2000، نجد أن العديد من شركات الطيران المحلية كانت تعمل طوال الربع الأول من القرن، بما في ذلك الخطوط الجوية السعودية والإماراتية وعمان للطيران. وربما يكون من المدهش أن شركة الاتحاد تأسست في عام 2003 وفلاي دبي في عام 2009، ومع ذلك فإن كلتا الشركتين تحتلان الآن المرتبة الخامسة بين شركات الطيران بناءً على السعة.

ومن غير المستغرب أن يؤدي نمو شركات الطيران والقدرة الاستيعابية إلى زيادة عدد أزواج المطارات منذ عام 2000، حيث تضيف شركات الطيران المحلية وغير المقيمة مطارات جديدة بشكل منتظم.

 

الخطوط الجوية السعودية

وتدير الخطوط الجوية السعودية أكبر عدد من أزواج المطارات، مع كونها السوق المحلية الوحيدة الجديرة بالملاحظة في المنطقة، على الرغم من أن بعض عمليات تسليم الطرق إلى طيران ناس في السنوات الأخيرة شهدت انخفاضًا في إجمالي عددها من ذروة 283 في عام 2015 إلى 205 في عام 2024، علماً بأنه قد يتغير هذا بشكل أكبر نظرًا للاستراتيجية الوطنية الأوسع التي يتم تبنيها الآن في المملكة، حسب التقرير. 

وعلى الرغم من النمو المستمر تقريبًا، لم يكن تحقيق الربحية ممكنًا دائمًا في مثل هذه السوق التنافسية، وخاصة بين شركات الطيران المحلية الأصغر حجمًا التي تكافح من أجل حصة السوق حيث لا يتطابق عرض منتجاتها تمامًا مع شركات الطيران المتنامية باستمرار مثل طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية.

ولا شك أن هناك شعورًا بأن “الأكبر هو الأفضل” في سوق الشرق الأوسط مع تحقيق شركات الطيران ذات الشبكة الأكبر مستويات استثنائية من الربحية في عام 2023. فيما أفادت أحدث نتائج طيران الإمارات عن ستة أشهر بربح قدره 2.7 مليار دولار أمريكي والخطوط الجوية القطرية (لنفس الفترة) بربح قدره 1.0 مليار دولار أمريكي. 

وبالمثل، تأمل الخطوط الجوية السعودية – أكبر شركة طيران في المنطقة – في العودة إلى الربحية بحلول نهاية هذا العام، على الرغم من تباطؤ نمو السوق بالتزامن مع التوسع في وجهات جديدة في الأشهر الاثني عشر الماضية.

 

أهداف رؤية السعودية 2030

يعرّج التقرير على رؤية السعودية 2030، وأهدافها فيما يتعلق بقطاع الطيران قائلاً إنه “استغرقت رؤية 2030 سنوات في التخطيط وتمثل أحد أكثر مشاريع التحول الاقتصادي إثارة للاهتمام وتكلفة في العالم. ويقول التقرير إن الخطة لتحويل اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد رئيسي قائم على الخدمات والسياحة هي خطة ثاقبة ومثيرة ومكلفة للغاية، وتلفت انتباه الرؤساء التنفيذيين لشركات الطيران والمطارات في جميع أنحاء المنطقة”.

وباستثمار أكثر من 12.4 تريليون ريال سعودي (ما يقرب من 3.3 تريليون دولار أمريكي)، يهدف المشروع الإجمالي إلى ثلاثة أهداف: إنشاء مجتمع طموح وحيوي ومزدهر يضع المملكة من خلال سلسلة من البرامج التحويلية كمركز تجاري وثقافي رئيسي في الشرق الأوسط.

وفي المملكة لا يمكن تحقيق مثل هذا الطموح دون تغيير جذري في سوق الطيران. وقد تم بالفعل وضع خطط جيدة لتحقيق هذه الأهداف بما يتماشى مع الاستثمار الأكبر في البنية التحتية في المدن الكبرى، حيث تشكل المشاريع في المطارات عنصرًا واحدًا فقط، حسب التقرير.

وبحلول عام 2030، تدعو خطة رؤية 2030 إلى أن تمثل السياحة أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي؛ مما يؤدي إلى توليد ما لا يقل عن مليون وظيفة إضافية حيث تجذب المشاريع العملاقة (مثل نيوم وأمالا ومشروع البحر الأحمر) السياح من جميع أنحاء العالم الباحثين عن مزيج من العطلات الثقافية والشاطئية.

3 1

كذلك ستصبح 150 ألف غرفة فندقية إضافية متاحة في السنوات القليلة المقبلة، بما في ذلك استثمارات الإقامة الفاخرة من فئة السبع نجوم في مواقع مثل العلا ومنتجعات البحر الأحمر. ومن المأمول أن يتوفر أكثر من نصف مليون غرفة فندقية في الليلة بحلول عام 2030.

وتهدف رؤية 2030 إلى الوصول إلى 300 مليون مسافر جوي بحلول عام 2030، 100 مليون منهم سيكونون سائحين (مهما كان التصنيف). وهذا هدف طموح للغاية بالنظر إلى أن عدد المسافرين المقدر حاليًا (من وإلى المملكة) في عام 2023 هو 107 مليون. 

ولتحقيق الأحجام المطلوبة، سيتعين زيادة الطلب بأكثر من 20% سنويًا حتى عام 2030، وهو مستوى نمو أعلى بثلاث مرات من المتوسط ​​منذ عام 2010 حتى عام 2019 ومستويات ما قبل الوباء، حسب التقرير.

ويستطرد التقرير بالقول إنه “بطبيعة الحال، هناك ثقة كبيرة داخل السوق المحلية في أن المملكة ستحقق أهدافها بموجب رؤية 2030، والواقع أن تحقيق نصف تطلعاتهم سيكون إنجازًا رائعًا”.

 

4 1

ملخص التقرير:

  • منطقة الشرق الأوسط أصبحت من أسرع أسواق الطيران نموًا عالميًا 
  • من المتوقع أن يرتفع عدد المقاعد من 70 مليون في عام 2000 إلى 257 مليون في 2024
  • واجهت صناعة الطيران بالمنطقة تحديات بسبب الأحداث الجيوسياسية والأوبئة 
  • عدد المسافرين الجويين (من وإلى السعودية) وصل في 2023 إلى 107 ملايين
  • تستهدف رؤية المملكة 2030 زيادة عدد المسافرين الجويين إلى 300 مليون بحلول عام 2030
  • تحقيق هذا الهدف يتطلب نموًا كبيرًا في الطلب، ويواجه تحديات على رأسها تحفيز السوق المحلي
  • من المتوقع إطلاق شركات طيران جديدة مثل نيوم، والتي تهدف إلى توسيع الشبكة وتعزيز الطلب بالمملكة

 

تقييم :
1
5

تقارير ذات صلة

سبتمبر 9, 2024

بقيادتها الحكيمة ورؤيتها الثاقبة، تستعد المملكة العربية السعودية، لاستضافة حدث عالمي فارق في مجال الصناعة. خطوة جريئة تعكس طموحات المملكة العالمية، باستضافة النسخة الثانية من منتدى السياسات الصناعية متعدّد الأطراف (MIPF) 2024، والذي تنظمه منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (UNIDO). يمثل هذا الحدث، الذي يعقد في أكتوبر المقبل، منصة فريدة تجمع صناع القرار والمختصين والخبراء […]

أغسطس 16, 2024

تستهدف رؤية المملكة 2030 إحداث تحوّل جذري في جميع مكونات البلاد، لتشكيل مستقبل طموح تكون سمته الرئيسية الاستدامة وجودة الحياة، وهو ما يوجد الحاجة للاعتماد على مفهوم المدن الذكية كعامل أساسي في تحقيق هذا الغرض، كونها السبيل لمعالجة الضغوط التي تتعرض لها المدن التقليدية، مثل الاختناقات المرورية والتلوث البيئي واستنزاف الموارد والزيادة في السريعة في […]

أغسطس 15, 2024

سباق مع الزمن تخوضه البلدان المتوسطة الدخل، فمنذ تسعينيات القرن العشرين، نجحت العديد من هذه البلدان في الإفلات من مستويات الدخل المنخفض والقضاء على الفقر المدقع، الأمر الذي أدى إلى نشوء تصور عام مفاده أن العقود الثلاثة الماضية كانت عظيمة بالنسبة للتنمية. ولكن هذا يرجع إلى التوقعات المنخفضة للغاية ــ وهي بقايا فترة كان يعيش […]

استبيان

هل وجدت التقرير مفيداً ومفهوماً؟
هل كان التقرير يحتوي على المعلومات التي كنت تبحث عنها؟
هل تم تصميم التقرير بشكل جيد وسهل القراءة؟
هل تم تنظيم المعلومات بشكل منطقي ومفهوم؟
هل تم استخدام الرسوم البيانية والجداول بشكل فعال ومفيد؟
هل تم توضيح المصادر المستخدمة في التقرير بشكل جيد؟
هل تم تقديم البيانات والمعلومات بشكل دقيق وموثوق؟
هل أثار التقرير أي أسئلة أو استفسارات لديك؟
هل تنصح بتصفح التقرير والاستفادة منه في المستقبل؟
هل تم تقديم البيانات والمعلومات بشكل دقيق وموثوق؟

المصادر