تسير المملكة بخطى ثابتة على طريق أن تصبح الوجهة السياحية الأممثل للزوار من مختلف أنحاء العالم؛ لما لهذا القطاع الاستراتيجي من أهمية بالغة لتحقيق هدف تنويع الاقتصاد السعودي كأحد ركائز رؤية المملكة 2030.
ويقدّم القطاع فرصًا استثمارية كبيرة، تستلزم الاستفادة منها معرفة الفروق بين السياح الأجانب والمواطنين في الإنفاق والتفضيلات والعوامل المؤثرة في ذلك؛ لتحديد أفضل استراتيجيات التسويق لجذب المجموعتين.
في هذا التقرير، نلقي الضوء على فرص النمو في القطاع السياحي، عبر عقد مقارنات بين أنماط إنفاق الأجانب والمواطنين، وأكثر المناطق جذبًا، استنادًا لمعلومات من منصة البينات المفتوحة التابعه للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا”.
الإنفاق السياحي بين المواطن والزائر الأجنبي
تكشف الأرقام عن تباين كبير بين سلوك الفئتين، حيث يتركّز إنفلق السياح الأجانب بشكل كبير في منطقة مكة المكرمة بنسبة 80.5%، تليها الرياض (8.7%)، ثم المنطقة الشرقية (8.32%).
وفي المقابل، ينتشر إنفاق السياح المحليين بشكل أكثر توازنًا بين المناطق، مع تركّز أعلى في منطقة مكة المكرمة بنسبة 28.97%، تليها الرياض (22.74%)، والمنطقة الشرقية (14.11%).
بلغ إجمالي إنفاق السياحة الوافدة 141.23 مليار ريال في 2023 بمتوسط مدة إقامة تصل إلى 15.76 ليلة.
وعلى مستوى السياحة المحلية، وصل إجمالي الإنفاق في نفس العام إلى 114.41 مليار ريال، بمتوسط 6.05 ليلة.
وسجّل متوسط الإنفاق الفردي للسائح المحلي 1396 ريالًا، بينما يصل إلى 5150 ريالًا لكل سائح وافد.
ويعزى تركيز إنفاق السياح الأجانب في منطقة مكة المكرمة إلى أهميتها الدينية للمسلمين من جميع أنحاء العالم.
وباستبعاد مكة المكرمة والمدينة المنوّرة، يتبين أن السياح الأجانب يوجهون إنفاقهم للرياض والوجهات الساحلية، حيث تستأثر العاصمة بنسبة 8.3% من إجمالي حجم الإنفاق، تليها جدة (6.7%)، ثم الخبر (4%)، والدمام (2.1%)، والعلا (0.2%).
وبالنسبة للسياحة المحلية، فإن العوامل الاقتصادية، مثل مستوى الدخل والأسعار، هي المؤثر على توزيع الإنفاق بشكل أكثر توازنًا بين المناطق.
المناطق الأكثر جذبًا للأجانب والمواطنين
سجل إجمالي عدد السياح الأجانب ارتفاعًا ملحوظًا بمرور السنوات، حيث بلغ 3,477,219 في عام 2021، ثم ارتفع إلى 16,637,859 في 2022، قبل أن يبلغ ذروته عند 27,424,000 في 2023.
وتصدرت منطقة مكة المكرمة الوجهات السياحية من حيث عدد السياح الأجانب بنسبة 61.23%، تليها المنطقة الشرقية (21.96%).
وعند استثناء مكة المكرمة والمدينة المنورة، يتبين أن الزوار الدوليين يميلون إلى تفضيل العاصمة والوجهات الساحلية، فالرياض هي الأكثر شعبية لدى السياح الأجانب بزيارة 10.6% منهم لها، تليها جدة (6.6%)، والخبر (5.8%)، والدمام (5.5%)، والعلا (0.2%).
كما سجل عدد السائحين المحليين ارتفاعًا بشكل مطرد أيضًا عبر السنوات، حيث بلغ 63,833,898 في عام 2021، ثم ارتفع إلى 77,836,501 في 2022، ووصل إلى 81,920,362 في 2023.
وفي 2023، مثلت منطقة مكة المكرمة الوجهة الأكثر شعبية، حيث استقبلت 28.26% من السياح المحليين، تليها منطقة الرياض (18.87%)، والمنطقة الشرقية (16.18%).
أغراض السياحة السعودية تتطوّر
كشفت النتائج أن جميع أغراض السياحة الأجنبية شهدت نموًا كبيرًا على مدار السنوات، مع تحقيق أكبر زيادة في الزيارات للأغراض الدينية والترفيهية وزيادة الأصدقاء والأقارب.
وتشير النتائج أن عدد الزوار الأجانب لأغراض الترفيه ارتفع من 312,159 في عام 2021 إلى 2,466,195 في 2022، بزيادة بنسبة 690%، ثم ارتفع مجددًا إلى 6,246,000 في 2023، بزيادة إضافية بنسبة 153%.
كما ارتفع عدد الزوار الأجانب لغرض زيارة الأصدقاء والأقارب من 1,438,088 في عام 2021 إلى 5,132,096 في 2022 بزيادة بنسبة 257%، ثم إلى 6,201,000 في 2023 بزيادة إضافية بمعدل 21%.
وفيما يخص السائحين المحليين، شكل غرض الترفيه أكبر فئة في جميع السنوات الثلاث، حيث ارتفع عددهم من 22,366,770 في عام 2021 إلى 29,862,909 في 2022، ثم إلى 35,010,468 في 2023.
ويمثل هذا زيادة بنسبة 33% من 2021 إلى 2022، و17% إضافية من 2022 إلى 2023.
وجاء عدد السائحين بغرض زيارة الأصدقاء أو الأقارب في المرتبة الثانية، حيث ارتفع من 27,602,466 في عام 2021 إلى 31,815,486 في 2022، ثم انخفض إلى 25,032,917 في 2023.
ويمثل هذا زيادة بنسبة 15% من 2021 إلى 2022، ثم انخفاضًا بنسبة 21% من 2022 إلى 2023.
فرص سانحة للنمو
يحمل القطاع فرصًا واعدة لنمو الأعمال المتخصصة فيه، وبالتالي تحقيق المستهدفات الوطنية، وتتمثل في:
– الاستفادة من نمو السياحة الوافدة المتسارع: يمثل ارتفاع عدد السياح الوافدين بنسبة 64.8% وزيادة إنفاقهم بنسبة 44% في عام 2023 على أساس سنوي فرصة لتحقيق الاستدامة لهذا النمو وتعظيم فوائده.
– استهداف الأسواق الآسيوية والخليجية: تمثل أكبر مصدر للسياح بواقع 7.94 ملايين و8.63 ملايين على التوالي، وأعلى حجم إنفاق (55.1 مليارًا و15.02 مليارًا، مما يوجب تكثيف الجهود التسويقية في هذه المناطق، وتطوير حملات تستهدف ثقافاتها، مع التركيز على التجارب الفاخرة للخليجيين، وتقديم باقات متنوعة للآسيويين.
– تعزيز الجاذبية للسياح من الشرق الأوسط وأوروبا: يجب تطوير استراتيجيات لزيادة عددهم، عبر التركيز على السياحة الثقافية والتاريخية للسياح الأوروبيين، وتعزيز السياحة العائلية والترفيهية لسياح الشرق الأوسط.
– استكشاف الفرص في الأسواق الأفريقية: يلزم تطوير استراتيجيات تسويقية مخصصة تركز على الروابط الثقافية والدينية، وتقديم باقات سياحية بأسعار تنافسية لجذب المزيد من السياح الأفارقة.
– زيادة جهود جذب السياح من الأمريكتين: أنفق نحو 470 ألف سائح من المنطقة 3.52 مليار ريال في العام الماضي، وتتمثل الفرصة في زيادة عددهم بالتركيز على التسويق للتجارب الفريدة والفاخرة، واستهداف سياح المعامرات والسياحة الثقافية.
– تعزيز سياسات التأشيرات وتسهيل الوصول: وسعت المملكة نطاق التأشيرة الإلكترونية لتشمل 66 دولة، وهو ما يمكن الاستفادة منه لجذب المزيد من السياح الدوليين.
– تحسين متوسط الإنفاق لكل سائح: يساعد تحليل متوسط الإنفاق لكل سائح حسب المنطقة على وضع استراتيجيات لتعظيم الإيرادات، فعلى سبيل المثال، السياح من أفريقيا لديهم متوسط إنفاق أعلى نسبيًا؛ لذا يمكن تقديم تجارب وخدمات إضافية تشجعه على زيادة الإنفاق أكثر.
– تنويع الوجهات السياحية: استنادًا إلى الشعبية المتزايدة للمدن الداخلية مثل بريدة وأبها والطائف بين السياح المحليين، يجب تكثيف الجهود لتطوير هذه المدن وغيرها من المناطق غير الساحلية كوجهات عالمية، بما في ذلك تطوير مرافق الإقامة والترفيه، وإبراز الموروث الثقافي والطبيعي الفريد لكل منطقة، بهدف خلق تجارب متنوعة تلبي تطلعات مختلف الشرائح السياحية.