تسير المملكة العربية السعودية بخطى واثقة نحو تحقيق رؤية 2030، حيث يُعتبر التنقل الكهربائي ركيزة أساسية في هذا التحول الطموح. مع التزامها بخفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز التنمية المستدامة، تعمل المملكة على بناء نظام متكامل للسيارات الكهربائية، يشمل تصنيعها محليًا، وتطوير بنية تحتية متطورة للشحن، والاعتماد على مصادر طاقة نظيفة.
بخطى ثابتة، تُحدث السعودية طفرة في وسائل النقل، لتصبح مثالًا يحتذى به في التحول نحو الاستدامة البيئية والاقتصادية.
يشهد قطاع النقل في المملكة تحولًا جذريًا مدفوعًا بأهداف رؤية 2030. يمثل التنقل الكهربائي أحد أبرز المحاور لتحقيق التنمية المستدامة، وتقليل الانبعاثات الكربونية، وتنويع الاقتصاد.
ومن خلال استثمارات طموحة في تصنيع السيارات الكهربائية، وتوسيع البنية التحتية، والتحول نحو الطاقة النظيفة، تضع المملكة نفسها في صدارة الدول المتبنية للتكنولوجيا الحديثة في قطاع النقل.
أهداف رؤية 2030 للتنقل الكهربائي
تستهدف المملكة أن تكون 30% من المركبات في الرياض كهربائية بحلول عام 2030، وذلك كجزء من جهودها لخفض الانبعاثات الكربونية في العاصمة بنسبة 50%.
ولتحقيق ذلك، تتبنى السعودية خطة شاملة تشمل تصنيع السيارات محليًا، وتوسيع البنية التحتية للشحن، والانتقال إلى مصادر طاقة مستدامة لتغذية هذه التحولات.
إحصائيات هامة ومؤشرات النمو
تمثل السيارات الكهربائية حاليًا 1% فقط من مبيعات السيارات في المملكة، لكن من المتوقع أن تصل إلى 30% بحلول 2030، و60% بحلول 2035.
تستهدف المملكة إنتاج 455,000 سيارة كهربائية سنويًا، من خلال شركات مثل CEER وLucid Motors وHyundai.
من المتوقع أن تضيف الاستثمارات في قطاع التنقل الكهربائي 8 مليارات دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2034، وتخلق أكثر من 30,000 وظيفة جديدة.
لتلبية الطلب المتوقع، ستحتاج المملكة إلى تركيب 160,000 محطة شحن كهربائي بحلول عام 2035، مقارنة بـ 285 محطة شحن فقط متوفرة حاليًا.
الاستثمار في التصنيع المحلي
يقود صندوق الاستثمارات العامة (PIF) جهود تطوير قطاع تصنيع السيارات الكهربائية محليًا. وتعد CEER، أول علامة تجارية محلية للسيارات الكهربائية، مثالًا رئيسيًا على هذه الجهود.
تسعى الشركة، بالشراكة مع Foxconn، إلى تصميم وتصنيع سيارات كهربائية تستهدف المستهلكين في المملكة ومنطقة الشرق الأوسط.
كما افتتحت Lucid Motors أول منشأة لتصنيع السيارات الكهربائية في المملكة بمدينة الملك عبد الله الاقتصادية، بقدرة إنتاجية تصل إلى 155,000 سيارة سنويًا.
بالإضافة إلى ذلك، يجري العمل على إنشاء مصنع مشترك بين Hyundai وPIF باستثمارات تتجاوز 500 مليون دولار لإنتاج 50,000 مركبة كهربائية سنويًا.
تحديات البنية التحتية
أحد التحديات الكبرى أمام التحول إلى التنقل الكهربائي هو تطوير بنية تحتية متكاملة للشحن.
لمواجهة ذلك، أطلقت السعودية شركة البنية التحتية للمركبات الكهربائية (EVIQ)، التي تخطط لتركيب 5,000 محطة شحن سريع بحلول عام 2030 في أكثر من 1,000 موقع.
ومع ذلك، هناك فجوة كبيرة في معدلات الشحن الحالية.
حتى نهاية عام 2023، كانت غالبية محطات الشحن في المملكة تعتمد على تقنية الشحن البطيء (AC)، مما يتطلب تحسينات كبيرة لتلبية الطلب المتوقع على السيارات الكهربائية.
التحديات التقنية والمناخية
تشكل درجات الحرارة المرتفعة في المملكة تحديًا كبيرًا لتشغيل السيارات الكهربائية، حيث تؤثر على أداء البطاريات.
تشير البيانات إلى أن درجة الحرارة المرتفعة (مثل 40 درجة مئوية) تقلل من مدى البطارية بنسبة 23% مقارنة بدرجات الحرارة المثالية (20 درجة مئوية).
لذلك، تسعى المملكة إلى تحسين تقنيات إدارة الحرارة للبطاريات وتعزيز كفاءتها في الظروف المناخية القاسية.
التوجه نحو الطاقة النظيفة
يعتمد نجاح التنقل الكهربائي على الانتقال إلى مصادر طاقة نظيفة ومستدامة. تخطط المملكة لزيادة حصة الطاقة المتجددة والنظيفة في مزيجها الطاقة الخاص بها، بما في ذلك الطاقة الشمسية والنووية، لتقليل الانبعاثات المرتبطة بشحن السيارات الكهربائية. بحلول عام 2035، من المتوقع أن تسهم هذه الجهود في تقليل الانبعاثات بنسبة 13% مقارنة بوجود أسطول يعتمد بالكامل على محركات الاحتراق الداخلي.
فوائد اقتصادية واجتماعية
لا تقتصر فوائد التنقل الكهربائي على الجانب البيئي فقط، بل تمتد إلى تعزيز الاقتصاد وخلق فرص عمل جديدة.
من المتوقع أن تجذب الاستثمارات في هذا القطاع 150 مليون دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مع توجيه نحو 39 مليار دولار لتطوير منظومة السيارات الكهربائية، بما في ذلك 18 مليار دولار للتصنيع و9 مليارات دولار لتطوير بطاريات السيارات الكهربائية.
التنقل الكهربائي كمحرك للتنمية المستدامة
يمثل التنقل الكهربائي جزءًا أساسيًا من رؤية المملكة لتحقيق التنمية المستدامة. فمن خلال تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية، تضع السعودية نموذجًا رائدًا يمكن أن يلهم بقية العالم.
مستقبل مشرق للتنقل الكهربائي
بينما تسير المملكة نحو تحقيق أهدافها الطموحة، يظل التركيز على الابتكار، والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والاستثمارات في التكنولوجيا، مفتاحًا لتحقيق التحول الكامل نحو التنقل الكهربائي.
هذا التحول يعكس التزام السعودية بتحقيق مستقبل مستدام يضعها في طليعة الدول الرائدة في هذا المجال.