الانهيارات الأرضية والأعاصير والزلازل والأعاصير المدارية – هذه مجرد أمثلة قليلة للكوارث التي لها تأثير كبير على الأراضي والممتلكات وحياة المدنيين.
وفقًا لتقرير نُشِر قبل أشهر في مجلة فوربس، فإن الكوارث الطبيعية كلّفت الولايات المتحدة ما يقرب من 165 مليار دولار في عام 2022، وكان إعصار إيان وحده مسؤولاً عن أضرار بلغت قيمتها حوالي 113 مليار دولار في سبتمبر 2022.
ولكن التأثير الحقيقي للكوارث يكون أكثر وضوحاً عند النظر إليها على المدى البعيد، فوفقاً للمراكز الوطنية للمعلومات البيئية، تم تصنيف 341 حدثاً (أي ما يقرب من 8 أحداث سنوياً) على أنها كوارث منذ عام 1980.
وحتى الآن، تسببت هذه الأحداث في مقتل 15821 شخصاً وتكبد خسائر تقدر بنحو 2.4 تريليون دولار.
نظرًا للتأثير الذي تخلفه الكوارث من الناحية المالية ومن ناحية معدل الوفيات في البلاد، تعمل العديد من المنظمات والقطاعات الحكومية على مضاعفة جهودها من حيث الاستعداد للطوارئ، بما في ذلك إنشاء وتنفيذ خطة فعّالة للاتصال بالكوارث.
كما ستستمر التكنولوجيا في إدارة الكوارث والتعافي منها في لعب دور رئيسي في الاستعداد الشامل، مما يتيح للمستجيبين الأوائل القيام بوظائفهم بكفاءة أكبر مع التخفيف من خسائر الأرواح البشرية.
ما هي إدارة الكوارث والتعافي منها؟
تهدف الإجراءات المتعلقة بإدارة الكوارث والتعافي منها إلى الحد من نقاط الضعف المرتبطة بالكوارث، وتعزيز القدرة على الصمود، وتخفيف التأثير الإجمالي للحدث.
ويمكن تقسيم إدارة الكوارث والتعافي منها إلى ثلاث مراحل رئيسية:
– الإجراءات المتخذة مسبقًا للتحضير للكارثة.
– الإجراءات المتخذة أثناء الكارثة وفقًا لخطة الاستجابة.
– الإجراءات المتخذة بعد الكارثة والتي تتعلق بالإغاثة والتعافي.
التكنولوجيا في إدارة الكوارث
تشمل التكنولوجيا المستخدمة في إدارة الطوارئ وأدوات التعافي من الكوارث مجموعة من الأجهزة والبرامج والموارد، التي يستخدمها المستجيبون والعلماء والمحللون في مراحل مختلفة من الاستعداد للكوارث والاستجابة لها، نستعرض بعضها:
جهاز قياس الزلازل
يسجل جهاز قياس الزلازل حركة الأرض أثناء الزلزال، وفي الوقت الحالي، لا يمكن التنبؤ بالزلازل بدقة مثل العديد من الأحداث الطبيعية الأخرى.
ومع ذلك، يمكن تقدير التنبؤات باستخدام البيانات والاحتمالات، فضلاً عن التنبؤات باستخدام النشاط الزلزالي في المنطقة وعوامل رياضية أخرى.
التنبؤ المتقدم بالأعاصير والأعاصير المدارية
إن جزءًا كبيرًا من الاستعداد للأعاصير والعواصف المدارية والتعامل معها يتطلب استخدام التكنولوجيا وأدوات التنبؤ ومنهجيات المراقبة.
وهذه الموارد مفيدة في التنبؤ بحجم وبنية وشدة ومسار الحدث المتوقع.
يستخدم المركز الوطني للأعاصير، العوامات والرادارات والسفن وطائرات الاستطلاع والأقمار الصناعية والمنصات الأرضية، لجمع المعلومات التي تتعقب الأعاصير وتتنبأ بها.
من ناحية أخرى، يتم تتبع الأعاصير المدارية والتنبؤ بها من خلال القياسات عن بعد القائمة على المحيط باستخدام الأقمار الصناعية.
تسمح تكنولوجيا التحذير المتقدمة للناس، بإعداد منازلهم وتأمين ممتلكاتهم وإخلاء منازلهم إذا لزم الأمر.
نظام شبكة الاستشعار
تُستخدم أنظمة شبكات الاستشعار للكشف عن النشاط في الجسور والطرق، وتوفر بيانات مستمرة تتعلق بسلامة قطعة البنية التحتية المعنية والعناصر المجاورة التي يمكن أن تؤثر عليها، مثل ارتفاع مستويات المياه المرتبط بالفيضانات.
تتيح أنظمة الشبكات هذه للسلطات إجراء تحليلات في الوقت الفعلي للبنية الأساسية المجهزة بأجهزة استشعار.
كما أنها مؤهلة لتكون واحدة من تقنيات التعافي من الكوارث، لأنها يمكن أن توفر بيانات عن البنية الأساسية المعرضة للخطر، وهو أمر أساسي في تحديد الجسور والطرق التي يمكن الوصول إليها بأمان.
الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة
يستخدم مشروع Sunny Lives، وهي مبادرة تقودها شركة Microsoft في الهند، الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي لتقييم نقاط الضعف.
تم استخدام صور الأقمار الصناعية لتصنيف سبعة أنواع من المساكن في المستوطنات ذات الدخل المنخفض من خلال استخدام نموذج الشبكة العصبية القائم على U-net.
شكل هذا التصنيف، جنبًا إلى جنب مع نماذج الفيضانات، نظامًا لتقييم المخاطر للمناطق المعرضة للخطر.
وبالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي، يتم توظيف العديد من التقنيات الأخرى في مختلف مراحل دورة إدارة الكوارث.
فقد استخدم المعهد الدولي لإدارة المياه، أجهزة استشعار إنترنت الأشياء إلى جانب الاستشعار عن بعد لتوفير بيانات مستوى المياه ودمج بيانات العلوم المدنية، لتجريب منتجات التأمين البارامترية على مستوى القرية في مناطق متعددة في جنوب آسيا.
كما يتم استخدام الطائرات بدون طيار، لتوليد صور ذات دقة مكانية عالية لرسم خرائط المخاطر والأخطار، وكذلك لتحديد موقع الناجين باستخدام التصوير الحراري.
خسائر الكوارث الطبيعية
تشير التقديرات إلى أن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الكوارث المرتبطة بالمناخ، تضاعفت سبع مرات من متوسط سنوي بلغ 198 مليار دولار في سبعينيات القرن العشرين إلى 1.6 تريليون دولار في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.
وتشكل مشاريع البنية الأساسية الجديدة، فرصة لبناء القدرة على التكيف مع المناخ في وقت مبكر وبتكلفة أقل من الاضطرار إلى إعادة تأهيل الأصول القائمة.
ولإتاحة التمويل للبنية الأساسية القادرة على التكيف مع تغير المناخ، يتعين علينا أن نجعل المرونة المناخية هي القاعدة لجميع تمويل واستثمارات البنية الأساسية، واستكشاف نماذج تمويل جديدة.
تواجه أوروبا خسائر فادحة ودمارًا بسبب الكوارث المرتبطة بالمناخ، مع ارتفاع درجة حرارة القارة بشكل أسرع من أي منطقة أخرى في العالم.
كان عام 2023 هو العام الأكثر سخونة على الإطلاق، حيث بلغ إجمالي تكلفة الكوارث في جميع أنحاء أوروبا أكثر من 77 مليار يورو.
وتشير تقديرات الأضرار المباشرة الناجمة عن حرائق الغابات في عام 2023، إلى ما يعادل 2 مليار يورو في اليونان، ومليار يورو في إيطاليا، وحوالي 913 مليون يورو في إسبانيا.
تمثل الاستجابة لحرائق الغابات، أكثر من ثلث تكاليف الاستجابة في ميزانية آلية الحماية المدنية للاتحاد (UCPM).
وفي ظل سيناريو ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 3 درجات مئوية، من المتوقع أن ترتفع الخسائر الاقتصادية إلى نحو 175 مليار يورو، أو 1.38% من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي.
البنية التحتية المقاومة للكوارث استثمار ذكي
لقد أثبتت البنية التحتية المرنة أنها نعمة كبرى في البلدان التي تم تأسيسها فيها.
فقد سجلت اليابان تسعة زلازل كبرى بين عامي 2018 و2023، أسفرت عن 55 حالة وفاة فقط.
ويرجع العدد المنخفض نسبيًا للضحايا، إلى قواعد البناء الصارمة في اليابان والتصميم المتعمد للبنية التحتية التي تمتص تأثير النشاط الزلزالي. وهذا يتناقض بشكل حاد مع أفغانستان، حيث أودت ثلاثة زلازل في غضون أيام بحياة أكثر من 2400 شخص في أكتوبر من العام الماضي.
دور الحكومات المحلية في تعزيز مرونة البنية التحتية
لا يمكن التقليل من أهمية الحكومات المحلية في تعزيز مرونة البنية الأساسية.
هذه بعض الاستراتيجيات والإجراءات التي يمكن للحكومات المحلية اتخاذها، لتعزيز مرونة البنية التحتية الحيوية ضمن نطاق ولايتها القضائية في مواجهة التحديات المتنوعة:
– فهم التهديدات المحلية.
– تحديد الشركاء المحتملين.
– التواصل مع القطاع الخاص.
– فهم نطاق القدرة.
– استخدم التكنولوجيا.
– البنية التحتية الخضراء والحلول المستندة إلى الطبيعة.
– المشاركة المجتمعية والتعليم.
– إنشاء نظام الاتصالات.
– معالجة احتياجات البنية التحتية.
ما هي الاستثمارات المطلوبة للحد من تأثير الكوارث على الاقتصادات؟
لا يوجد حل واحد يناسب الجميع للاستثمار في البنية الأساسية.
من القرى إلى الحكومات الوطنية، يجب على القادة والمهندسين فهم نقاط ضعفهم المحددة وإنشاء البنية الأساسية التي تلبي ملف المخاطر الخاص بهم.
على سبيل المثال، في المناطق المعرضة للأعاصير، يجب تصميم البنية الأساسية لمقاومة الرياح عالية السرعة التي تصل إلى 124 ميلاً في الساعة.
وفي المناطق المعرضة للفيضانات، يمكن استكمال البنية الأساسية “الرمادية” التقليدية، مثل خطوط الأنابيب ومحطات الضخ، بحلول قائمة على الطبيعة، مثل استعادة السهول الفيضية أو حواجز أشجار المانغروف.
وجدت إحدى الدراسات، التي تبحث في استعادة أشجار المانغروف في الولايات المتحدة وأمريكا الوسطى وحوض البحر الكاريبي، أن كل هكتار من أشجار المانغروف يوفر مئات الآلاف من الدولارات من الحماية من الفيضانات.
أين كانت أكثر الكوارث الطبيعية في 2023؟
في عام 2023، شهدت الولايات المتحدة 25 كارثة طبيعية، مما جعلها الدولة الأكثر عرضة للكوارث الطبيعية في العالم في ذلك العام.
وجاءت الهند والصين في المرتبة الثانية في تلك القائمة، مع وقوع 17 كارثة طبيعية في نفس العام.
وكانت الفيضانات أكثر أنواع الكوارث الطبيعية شيوعًا في عام 2022.
