تضع المملكة الاستدامة هدفًا لها تسعى لتحقيقه في قطاعات عدة، تماشيًا مع المستهدفات الرامية إلى تنفيذ محاور رؤية السعودية 2030.
ومن أجل الوصول إلى ذلك، تعمل كل الوزارات والجهات والهيئات ذات الصلة على قدم وساق بصورة متوازية كلٌ في قطاعه، وهو ما تجّلى في إصدار هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية النسخة الثالثة من تقرير “الاستدامة في قطاع الاتصالات و الفضاء والتقنية”، بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات والاتحاد الدولي للاتصالات (ITU).
يرصد التقرير الصادر قبل أيام، أهم المبادرات النوعية للمملكة في مجال الاستدامة الرقمية، فضلًا عن تسليط الضوء على 13 قصة نجاح في جوانب الاستدامة البيئة والاقتصادية والاجتماعية.
كما يكشف التقرير أهمية الحلول الابتكارية في قطاع التقنية والفضاء في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والتي يعتمد 70% منها على التقنيات الرقمية، ويستفيد 40% من هذه الأهداف على المعلومات المستمدة من تقنيات الفضاء، مثل رصد ومراقبة الأرض عبر الأقمار الصناعية، وتحديد المواقع والملاحة، وخدمات الاتصالات عبر الأقمار الصناعية، والرحلات الفضائية والبحوث المتعلقة بالجاذبية، ويعكس ذلك الدور المحوري الذي تلعبه منظومة الاتصالات والفضاء والتقنية في بناء مستقبل ومجتمع مستدام.
هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية.. إنجازات نحو الاستدامة
من أجل تمكين قطاعات الاتصالات والفضاء والتقنية، طورت الهيئة خارطة طريق لتحقيق أهداف التنمية المسـتدامة وتحفيز القطاع لتبني وتطبيق معايير وممارسات الاستدامة في 2023، أبرزها:
– قيادة الاقتصاد الرقمي الدائري في مؤتمر الأطراف (28 COP)
قادت هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية الجهود في مسار الاقتصاد الرقمي الدائري، أحد المسارات الـ 6 الخاصة بمبادرة (Action Digital Green)، والتي تظهر أهمية التعاون بين الحكومة والصناعة لسد الثغرات في إدارة النفايات الإلكترونية من أجل اقتصاد متجدد.
وأبرز التقرير أن التحدي العالمي يتمثل في 62 مليون طن مخلفات إلكترونية تُنتَج عالميًا كل عام، 22.3% منها فقط يعاد تدويرها.
– الريادة في مواجهة التحديات العالمية في قطاع الفضاء
سلط التقرير الضوء على استضافة وكالة الفضاء السعودية مؤتمر الحطام الفضائي بالتعاون مع هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية والاتحاد الدولي للاتصالات ومكتب الأمم المتحدة لشـؤون الفضاء الخارجي.
ويهدف المؤتمر إلى جمع الخبراء والباحثين وقادة الفكر في المجال لمناقشة ومعالجة التحديات الملحة للحطام الفضائي.
ومن بين الحقائق التي أوردها التقرير، وجود 36,500 من الأجسام الحطامية الفضائية التي تزيد عن 10 سم، مليون جسم فضائي حطامي تتراوح بين أكبر من 1 سم إلى 10 سم.
كما يتوقع أن يبلغ حجم السوق والفرص من رفع الوعي بالحطام الفضائي إلى 294 مليون دولار بحلول عام 2030، و55 مليون دولار حجم السوق المتوفع لإزالة الحطام النشط بحلول العام ذاته.
المملكة والاستدامة.. قصة نجاح مستمر
لا تتوقف المملكة عن تحقيق إنجازات كبيرة في مجال الاستدامة الرقمية، ورصد التقرير أبرز قصص النجاح لأكثر من 16 جهة من القطاعين العام والخاص تتعلق بثلاث جوانب رئيسية: هي البيئة والاقتصاد والمجتمع.
استخدام التقنية الجيوفضائية والاستشعار عن بعد لتحسين الزراعة
أورد التقرير تفاصيل المشروع الهادف إلى تجميع بيانات زراعية شاملة للمملكة باستخدام صور الأقمار الصناعية والتحقق الميداني، وذلك لدعم صانعي القرار في تطوير القطاع الزراعي عبر قاعدة بيانات محدثة تصف وضع الاراضي الزراعية.
يمكن اسـتخدام هذه التقنيات في مراقبة وإدارة المحاصيل بدقة، مما يعـزز الكفاءة والاستدامة في القطاع الزراعي.
وتشمل الفوائد التي ستتحقق من جرّاء استخدام هذه التقنية، استخراج 9 مليار متر مكعب من المياه الجوفية، تعريف 40 ألف نشاط زراعي مختلف، تحليل 400 ألف سجل زراعي في مختلف أنحاء المملكة.
كما ستساعد التقنية في تغطية 1.2 مليون كيلومتر مربع من المناطق الزراعية، وتسجيل 36 ألف مزارع من مختلف المناطق.
تقنية واعدة تساهم في تحقيق 3 من أهداف الاستدامة العالمية، وهي: المياه النظيفة والنظافة الصحية – الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية – الإنتاج والاستهلاك المستدام.
استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات الصناعة
أبرز التقرير إطلاق أول نموذج للذكاء الاصطناعي التوليدي في القطاع الصناعي، والذي مثّل قفزة كبيرة في التقدم التقني نحو الاستدامة.
بالاستعانة بالذكاء الصناعي التوليدي، الحوسبة الكمية، وتحليل البيانات المتقدمة، ستساعد هذه التقنيات في حل المشكلات والكفاءة في اتخاذ القرارات وتوفير المعلومات اللازمة لتحسين العمليات والاستدامة في المجالات الصناعية.
استخدام هذا النموذج سيحقق العديد من الفوائد التقنية والمخرجات، أبرزها 250 مليار مؤشر ستوفر الدقة العالية في التنبؤات والمخرجات، 7 تريليون سجل بيانات توفر أساسًا قويًا للتحليل، 90 عامَا من جمع البيانات لضمان الشمولية.
نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي في القطاع الصناعي، ساهم في تحقيق 3 من أهداف الاستدامة العالمية، وهي: الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية – الإنتاج والاستهلاك المستدام – العمل المناخي.
التطور الطبي باستخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد
سلط تقرير “الاستدامة في قطاع الاتصالات و الفضاء والتقنية” الضوء على تطوير مجال الرعاية الصحية بالاعتماد على التقنيات المتقدمة، وذلك عبر تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وباستخدام مواد طبية عالية الجودة تضمن سلامة المرضى وكفاءة إجراءات الرعاية الصحية.
ساعدت هذه التقنية على تحسين رعاية المرضى من خلال التشخيص الدقيق والتخطيط الجراحي الأنسب.
ووفق التقرير، فإن أبرز الفوائد التي حققتها تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، إخراج 5158 نموذج افتراضي و1168 نموذج مطبوع، وتقليل وقت الجراحة بنسبة 30%.
بالإضافة إلى المساعدة في اتخاذ قرارات دقيقة في حالات تمدد الأوعية الدموية، واتباع نهج مبتكر فـي جراحة العظام، ونماذج مخصصة حسب الحالة والطلب.
استخدام تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد في المجال الطبي، ساعد على تحقيق هدفين من أهداف التنمية المستدامة، وهما: الصحة الجيدة والرفاه – الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية.