تغيّر شكل الحياة التي يعيشها الأشخاص في مرحلة المراهقة اليوم عما كان عليه الأمر قبل 20 عامًا، بسبب التقدّم الذي تم إحرازه في كل شيء تقريبًا، وبشكل خاص التقنيات المعتمدة على الإنترنت، فضلًا عن التحديات التي تواجه البشر بشكل عام في الوقت الحاضر.
أجرى مركز “Pew” للأبحاث استطلاع رأي شمل 1453 شخصًا في الولايات المتحدة، بين آباء وأبناء مراهقين؛ للإجابة على سؤال: هل باتت مرحلة المراهقة اليوم أصعب عما كانت عليه قبل 20 عامًا؟
إجماع على أن مرحلة المراهقة أصعب اليوم
بحسب الدراسة التي أجراها المركز في أغسطس 2024، فإن غالبية واضحة من المشاركين يرون أن حياة المراهقين اليوم أصعب مما كانت عليه قبل عقدين من الزمن.
أبلغ 70% من الآباء المشاركين في الاستطلاع أن الحياة أصبحت أصعب على الأبناء في سن المراهقة، بينما قال 11% إن الأمر صار أسهل من ذي قبل، واعتبر 18% أنها لم تتغير كثيرًا.
بالنظر إلى المراهقين أنفسهم، نرى أن آرائهم تختلف عن الآباء، إذ قال 57% منهم إن الحياة اليوم أصعب على الأشخاص في سن المراهقة، مقابل 15% يرون أنها أسهل، و26% ذكروا أنها على حالها تقريبًا.
التكنولوجيا أكبر مسببات تحديات سن المراهقة
تكشف نتائج استطلاع الرأي أن التكنولوجيا، وخاصة منصات التواصل الاجتماعي هي العامل الأكثر تأثيرًا في تغيير النظرة لحياة المراهقة.
اعتبر 65% من الآباء الذين يرون أن الحياة اليوم أكثر صعوبة، أن التقنية هي السبب الرئيسي، وضمن هذه النسبة ذكر 41% منهم وسائل التواصل الاجتماعي تحديدًا.
وفي المقابل، 39% فقط من المراهقين الذين قالوا إن الحياة اليوم أصعب حدّدوا التقنية كسبب رئيسي، من بينهم 25% ركزوا على وسائل التواصل الاجتماعي.
وصف الآباء منصات التواصل بأنها “وباء” أو “آفة اجتماعية”، واعتبروا أنها تجعل المراهقين يشعرون بالضغط الدائم لتقديم صورة مثالية عن أنفسهم.
ويرى المراهقون أن المشكلة لا تقتصر على الضغط المتعلق بضرورة الظهور بشكل مثالي فحسب، بل تشمل أيضًا الإحساس بالعزلة والتشتت بسبب الاستخدام المكثف لأجهزة الهواتف الذكية.
ومع ذلك، قال حوالي 60% إن التكنولوجيا سهلت حياة المراهقين بشكل كبير، وتحدث هؤلاء بشكل خاص عن الإنترنت والهواتف الذكية كأدوات جعلت الحياة اليومية أكثر سلاسة.
تحديات إضافية تواجه الأشخاص في مرحلة المراهقة
لم تقتصر أسباب صعوبة مرحلة المراهقة التي أبلغ عنها المشاركون في الاستطلاع على التكنولوجيا وحدها، حيث قال 31% من المراهقين إن الحياة اليوم أصعب بسبب زيادة ضغوط وتوقعات تحقيقهم إنجازات عديدة في نفس الوقت، مثل التفوق الدراسي وممارسة الأنشطة الاجتماعية، والعمل بدوان جزئي، مقارنة بنسبة 16% من الآباء.
كما أشار 15% من الآباء والمراهقين إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والسياسية على مستوى البلاد أو العالم، والتراجع الأخلاقي سببًا رئيسيًا في الصعوية.
ولفت 8% من المشاركين أن العنف والمخدرات من الأسباب التي تؤدي لصعوبة الحياة اليوم، فضلًا عن التنمر الإلكتروني المستمر على مدار الساعة.
فجوة بين الأجيال بشأن تحديات المراهقة
يرى بعض المراهقين أن الحياة أسهل اليوم بفضل التكنولوجيا، لتسهيلها مهمة التواصل، والحصول على المساعدة في المجال الدراسي والبحث العلمي دون جهد كبير.
وبينما يرى الآباء أن المشكلة الأكبر هي وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا عمومًا، فإن المراهقين يعتبرون أن ضغوط التفوق الأكاديمي والاجتماعي هي التي تزيد من صعوبة حياتهم.
وأخيرًا، ومع اتفاق الأغلبية على ازدياد الصعوبات التي تواجه المراهقين اليوم، تؤكد النتائج أن تحديات المستقبل لن تقتصر فقط على مواجهة التكنولوجيا، بل أيضًا على إعادة بناء القيم الاجتماعية والتخفيف من حدة المنافسة التي باتت تفرض نفسها على المراهقين في كل مجالات حياتهم.