أصبح تبنّي التحول الرقمي ضروريًا للمنشآت الصغيرة والمتوسطة للحافظ على المرونة اللازمة لمواجهة ضغوط السوق، واستمرار نموها في ظل تحديات الاقتصاد العالمي، بينما تتجه الأعمال إلى الاستفادة من إمكانيات الأدوات الرقمية مثل الذكاء الاصطناعي في جميع العمليات.
في هذا الإطار، أصدرت “منشآت” تقريرًا حول التحول الرقمي للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، يتناول تأثير الرقمنة العالمي وواقعه في المملكة، وأهم أدواته، بالإضافة لتسليط الضوء على برامج تمكينه الحكومية.
ما هو التحول الرقمي؟
تعرف الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، التحول الرقمي بأنه التأثير الجذري للتقنيات والبيانات الرقمية على الآلية التي تدير بها الشركات أعمالها في كل مكان حول العالم؛ ليكون بذلك مجالًا عالمي النطاق والأثير، حيث يعمل على تغيير نماذج الأعمال التقليدية.
وحول فوائد التحول الرقمي، أوضح تقرير “منشآت” أنها الضامن لتحقيق النجاح للشركات في مشهد الأعمال سريع التطور.
وأشار التقرير أن الأسباب الأساسية لهذه التحولات التقنية تشمل الانتشار الواسع للإنترنت، وزيادة استخدام الأجهزة الذكية وسهولة التواصل عن بعد، وتحول السلوك الاستهلاكي نحو القنوات الإلكترونية.
واستعرض التقرير عددًا من البيانات الرقمية حول دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد العالمي.
ويشمل ذلك أن 90% من إجمالي الشركات حول العالم هي منشآت صغيرة ومتوسطة، بينما تبلغ نسبة الوظائف التي توفرها عالميًا 60% إلى 70%.
وبيّن التقرير أن ما يزيد عن 85% من المنشآت تدرك أهمية برمجيات المجال التقني الحديثة باعتبارها محركًا للتحول الرقمي، فيما تواجه 67% منها تحديات من أجل الحفاظ على الاستمرارية.
التحول الرقمي في السعودية
تنظر “منشآت” إلى التحول الرقمي كضرورة للشركات في السعودية، نظرًا لارتفاع مستويات المعرفة التقنية بين سكان المملكة، والانتشار الواسع للإنترنت والأجهزة الذكية.
وأشارت “منشآت” إلى وصول نسبة انتشار الإنترنت بين السعوديين بلغت 100% اعتبارًا من عام 2022.
وبلغت السعودية المركز الرابع عالميًا في مؤشر الأمم المتحدة لتطور الحكومة الإلكترونية، فيما وصلت الرياض إلى المركز الثالث في الخدمات الرقمية لعام 2024.
كما تحتل السعودية المركز الثالث عالميًا في مؤشر نضج الحكومة الرقمية الصادر عن البنك الدولي خلال العام 2023.
ووصل عدد الشركات التقنية المدرجة في سوق الأسهم السعودية بقيمة اسمية تتجاوز أكثر من 3 مليارات ريال خلال العام 2023 إلى 18.
وسجلت الاستثمارات في الحوسبة السحابية داخل المملكة من أكبر الشركات العالمية خلال العام 2023 نحو 15 مليار ريال.
ويمثّل برنامج التحوّل الوطني أحد أكبر ممكنات نمو المنشآت الصغيرة والمتوسطة في السعودية في كافة مراحل العمل.
وحسب البرنامج، تقدر حصة الاقتصاد الرقمي من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنحو 19.2% في عام 2025.
وأفاد البرنامج أن مستوى نضج التحول الرقمي للخدمات الحكومية الرئيسية رقميًا يبلغ 92% في 2025، فيما يتوقع أن يصل حجم تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة 94 مليار ريال خلال العام الجاري.
ومن الجدير بالذكر أن حجم الإنفاق الحكومي الرقمي على تقنيات الاتصالات والمعلومات في عام 2023، بلغ ما يقرب 40 مليار ريال، ويتوقع زيادته بمعدل نمو سنوي مركب يصل إلى 7.7% حتى عام 2025.
وتعد التقنيات الناشئة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي، والخدمات المبنية على الحوسبة السحابية، إلى جانب الحوسبة الكمومية، من أهم ركائز الطلب الحكومي في الفترة المقبلة، وذلك في قطاعات ذات أولوية، مثل الصحة والتعليم والنقل والبنية التحتية والخدمات البلدية.
إنجازات على طريق التحوّل الرقمي
أطلق البرنامج الوطني لتنمية قطاع تقنية المعلومات 18 منتجًا بالشراكة مع 45 جهة من القطاعين العام والخاص؛ لدعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
على سبيل المثال، تم إطلاق منتجات مصممة خصيصًا لدعم البحث والابتكار في أحدث التطورات في تقنية المعلومات، مثل “Next Era”.
وعبر الحلول المالية وغير المالية التي قدمتها هذه المنتجات، استطاعت المنشآت المدعومة من البرنامج جذب استثمارات رأس مال جريء تقدر بـ 3.8 مليار ريال.
وحصلت المنشآت المستفيدة من برامج التحول الرقمي، على تمويل بقيمة 3.3 مليار ريال من البنوك التجارية والشركات التمويلية، ووفرت أكثر من 11 ألف وظيفة.
واستقطب البرنامج 7 مسرعات أعمال دولية مدعومة بصناديق استثمار جريء يتجاوز حجمها 2 مليار ريال؛ للاستثمار في شركات التقنية الناشئة وتسريع نموها.
خارطة طريق التحوّل الرقمي
حددت “منشآت” مجموعة من الإجراءات التي ينبغي على الشركات الصغيرة والمتوسطة اتخاذها لتخطو بثبات نحو التحول الرقمي، وتتمثل في:
- التقييم والتخطيط: تمثل عمليات تقييم القدرات الحالية للمنشأة، وتحدد أهداف واضحة وقابلة للقياس، أولى خطوات البدء في التحول الرقمي.
- تحديد أهداف العمل: التأكد من تماشي خطة التحول الرقمي مع مستهدفات المنشأة لتحقيق استراتيجية موحدة.
- البنية التحتية والأدوات: الاستثمار في الأجهزة والبرامج الضرورية، وتنفيذ أنظمة إداة علاقات العملاء، وأدوات تحليل البيانات وبرامج الأتمتة.
- تطوير العمليات: استفادة المنشآت الصغيرة والمتوسطة من الأدوات الرقمية، مثل تحليل البيانات؛ لتحديد المهام الروتينية وأتمتة عملية تشغيلها، مما يسهم بفاعلية في خفض التكلفة، والوقت المستغرق في كل عملية، وتجنب الأخطاء، وانعكاسه على تحسين الكفاءة الإجمالية.
- تدريب الموظفين وتثقيفهم: تسريع وتيرة عمليات المنشآت الصغيرة والمتوسطة، عبر تقديم التدريب اللازم والشامل لموظفيها، وتعزيز ثقافتهم الرقمية.
- التواصل مع العملاء: اكتساب المزيد من رؤى المستهلكين وتعزيز مشاركتهم والوصول إلى أسواق جديدة، من خلال الاستفادة من أدوات تحليل البيانات ومواقع التواصل الاجتماعي وأدوات التواصل الرقمي.
- تحسين الأعمال: يمكن للرؤى المستندة إل البيانات المبنية على مراقبة الأداء الرقمي أن تمنح المنشآت الصغيرة والمتوسطة قدرة أكبر على تعديل أهدافها، وتحديد مؤشرات الأداء الرئيسية بدقة، فضلًا عن تعزيز ثقافة النمو المستدام.
- البناء على الإنجازات المتحققة: الاستفادة من أحدث التكنولوجيا في العالم 2024 في 2025، واتباع هذا النهج بمرور السنوات.
وأخيرًا، تبذل المملكة كل الجهود الممكنة للدفع باتجاه تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة عبر التحول التقني، عبر مؤسسات عديدة، مثل هيئة الحكومة الرقمية، التي توفر خدمات تتمحور حول المستفيدين لتحسين مدى رضاهم، والهيئة السعودية للبيانات، التي تسعى لترسيخ مكانة السعودية في مجال التقنية الرقمية.
وبناءً على هذا، فإن سعي المنشآت الصغيرة والمتوسطة إلى اعتماد التحول الرقمي عبر الوسائل والمجالات التي استعرضناها يمثّل فرصة سانحة للشركات الراغبة في النمو، والهروب من مشهد الاقتصاد العالمي المتخبط.