ينظر الكثير من خبراء الذكاء الاصطناعي إلى عام 2025 باعتباره الفترة التي ستحدد مصير التقنية، فيما يتعلق بتحقيق نتائج لتغيير العالم الذي نعرفه اليوم، إما إلى الأفضل أو إلى الأسوأ؛ لذا نجد تنافسًا شديدًا بين قادة الأعمال والمنظمات العالمية في ضخ استثمارات كبيرة لاستيعاب أدواتها خلال السنة.
وبينما تتجه مؤسسات الأعمال إلى الذكاء الاصطناعي لزيادة العوائد على الاستثمار بشكل استثنائي، تتوسع التهديدات الأمنية الرقمية، وتجد الشركات نفسها تحت ضغوط لإيجاد التوازن بين التحوّل للتقنية الفائقة والأمن والاستدامة.
وفي هذا السياق، أصدرت شركة البنية التحتية الذكية للبيانات “NetApp” تقريرًا يبحث في كيفية تعامل المؤسسات العالمية مع التعقيد المتزايد لإدارة بياناتها من أجل تبنّي الذكاء الاصطناعي، والذي يقدم نظرة عالمية حول كيفية تأثير التقنية على الشركات في عام 2025 وما بعده.
الاستثمار في الذكاء الاصطناعي نحو مستويات غير مسبوقة
أفادت ثلثا الشركات في جميع أنحاء العالم أن بياناتها إما مُحسّنة بشكل كامل أو معظمها لاستيعاب لذكاء الاصطناعي.
ويعني تحسين البيانات أنها يمكن الوصول إليها ودقيقة وموثقة جيدًا لحالات استخدام الذكاء الاصطناعي.
وسجّلت دولة سنغافورة معدل تحسين كامل أو جزئي للبيانات لتبني الذكاء الاصطناعي بنسبة 85%، تليها أستراليا ونيوزيلندا في المرتبة الثانية بنسبة 76%، ثم المملكة المتحدة (74%)، والهند (69%)، والولايات المتحدة (64%).
ومع ذلك، على الرغم من هذا التقدم، سيظل عام 2025 يتطلب المزيد من الاستثمار في الذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات.
وفقًا للتقرير، يعتقد 40% من المديرين التنفيذيين في مجال التقنية العالمية أن شركاتهم سوف تحتاج إلى استثمارات غير مسبوقة في الذكاء الاصطناعي وإدارة البيانات في عام 2025.
تعقيد البيانات يصعّب استيعاب الذكاء الاصطناعي
يعتمد نجاح الذكاء الاصطناعي على كيفية تسخير البيانات له، ولكن في الوقت نفسه، تعمل هذه البيانات كحاجز يمنع الشركات من الاستفادة من كامل إمكاناتها.
يدرك 79% من المديرين التنفيذيين في مجال التقنية على مستوى العالم أهمية توحيد البيانات لتحقيق نتائج مثالية للذكاء الاصطناعي.
ويُقصد بتوحيد البيانات الاستغناء عن طرق التخزين التقليدية، وربط البيانات بغض النظر عن نوعها أو موقعها عبر بيئات سحابية متعددة بحيث يمكن الوصول إليها دائمًا.
ومن المرجح أن تحقق الشركات التي تعطي الأولوية لتوحيد البيانات أهدافها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في عام 2025.
تقول 23% فقط من الشركات التي تعطي الأولوية لتوحيد البيانات إنها لن تحقق أهدافها، مقابل 30% من الشركات التي لا تعطي الأولوية لتوحيد البيانات.
وتجدر الإشارة أن الاستثمار في إدارة البيانات والبنية التحتية أصبح أولوية قصوى بالنسبة للمؤسسات الراغبة في تبنّي الذكاء الاصطناعي.
ويعطي المسؤولون التنفيذيون في مجال التقنية اهتمامًا لإدارة البيانات والبنية التحتية بمقدار الضعف مقارنة بالاستثمارات الأخرى المرتبطة بالذكاء الاصطناعي.
كشف استطلاع رأي حديث أن 40% من المسؤولين التنفيذيين لمؤسسات التقنية يمنحون الأولوية لإدارة البيانات والبنية التحتية، مقابل نحو 20% يرون أن الأولوية للبرمجيات.
ويمنح أقل من 20% الأولوية في الاستثمار بالذكاء الاصطناعي إلى المواهب البشرية المشغّلة للتقنية، بينما تذهب نسبة 20% إلى الاهتمام بشكل أكبر بقوة الحوسبة.
زيادة متوقعة في التهديدات السيبرانية
يستعد المسؤولون التنفيذيون في مجال التقنية العالمية لارتفاع كبير في التهديدات الأمنية إلى جانب اعتماد الذكاء الاصطناعي، حيث توقع 41% منهم زيادة حادة في الهجمات خلال عام 2025.
وتظل خصوصية البيانات والمخاوف الأمنية من أهم التحديات على مستوى العالم على أساس سنوي، مع وجود دول رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي مثل الهند.
وأدى ظهور الذكاء الاصطناعي إلى زيادة مساحة الهجوم للعديد من المؤسسات، مما خلق تحديات جديدة مثل حماية نماذج الذكاء الاصطناعي نفسها، والدفاع عن مجموعات البيانات الأكثر عرضة للهجمات، وضمان توفر البيانات وآمنة للاستخدام في تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
يتوقع التقرير أن تبلغ اليابان والولايات المتحدة اللتان تتقدمان بفارق كبير في رحلة الذكاء الاصطناعي عن زيادة في عدد القضايا الأمنية مقارنة بدول مثل ألمانيا وفرنسا وأسبانيا.
وتسيطر التحديات الأمنية الناتجة عن تبنّي الذكاء الاصطناعي على تفكير قادة التقنية العالميين، حيث حدد 59% منهم هذه التهديدات باعتبارها مصدر ضغط عالمي رئيسي.
ويواصل المسؤولون التنفيذيون على مستوى مجلس الإدارة والمسؤولين التنفيذيين إعطاء الأولوية للأمن السيبراني والحماية من برامج الفدية، حيث صنفها 38% كأولوية قصوى بالنسبة لهم.
معضلة الاستدامة في عصر الذكاء الاصطناعي
يتوقع 34% من المديرين التنفيذيين في مجال التقنية العالمية حدوث تقدّم إيجابي في عمليات استدامة الشركات نتيجة لتبنّي الذكاء الاصطناعي، بينما يتوقع 33% منهم إصدار سياسات وضخ استثمارات حكومية جديدة في مجال الطاقة بفضل هذه التقنية.
وعلى الرغم من ذلك، فإن نمو حجم البيانات المرتبط بانتشار الذكاء الاصطناعي يستهلك الكثير من الطاقة، وهو ما يتعارض مع أهداف الاستدامة.
سجّلت البلدان الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي زيادة أكبر في البصمة الكربونية مقارنة بالبلدان المتأخرة في تبني هذه التقنية المتطورة.
وتعتقد النسبة الأكبر من قادة المؤسسات التقنية العالمية أن الحد من البصمة الكربونية أمرًا بالغ الأهمية خاصة في المناطق التي تعتمد بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي.
ومع ذلك، هنالك بارقة أمل، تتمثل في البيانات التي تشير أن نسبة زيادة البصمة الكربونية للشركات المرتبطة بزيادة حجم البيانات لأغراض تبنّي الذكاء الاصطناعي، انخفضت من 84% في عام 2023 إلى 72% في 2024.
وأخيرًا، ستحصل الشركات التي تستثمر في البنية التحتية الذكية للبيانات، وتعطي الأولوية للأمن، وتأخذ في الاعتبار الاستدامة عند استخدام الذكاء الاصطناعي، ستضمن نموها مستقبلًا، وستكتسب ميزة تنافسية كبيرة، في ظل مشهد الأعمال الذي يركز كثيرًا على هذه التقنية.
ويتأتى هذا من أن إمكانات نمو الأعمال اعتمادًا على الذكاء الاصطناعي، تقوم على بناء استراتيجيات بيانات آمنة وقابلة للتطوير ومستدامة.