واجه قادة الأعمال خلال السنوات الثلاث الماضية عددًا غير مسبوق من التحديات، تتمثل في جائحة “كوفيد-19″، والتقلّبات الاقتصادية الناجمة عن التضخم وأزمات الطاقة والتوترات الجيوسياسية، وهو ما يتوقّع أن يبقي الأسعار مرتفعة لفترة طويلة.
وحتى تتمكن الأعمال من البقاء أولًا، وتستهدف الازدهار في المقام الثاني، تحتاج الشركات إلى التفكير في إحداث تحول شامل في جميع مجالات عملها المؤسسي، بما في ذلك سلسلة التوريد.
أصدرت مؤسسة “Price Waterhouse Coopers” تقريرًا حديثًا يعرض أهم الممارسات التي من شأنها أن تؤدي لنمو سلسلة التوريد بالتحول لنظام جديد، واستخدام تقنيات الجيل القادم لتحقيق هذا الهدف.
تقنيات الجيل القادم تدعم نمو سلاسل التوريد
بداية، نوضّح أن سلسلة التوريد يقصد بها الأنشطة التي تبدأ بتحويل المواد الخام إلى منتجات نهائية وإيصالها إلى العملاء، ويشمل ذلك مصادر المواد الأولية والتصميم والإنتاج والتخزين والشحن والتوزيع.
ولإحداث التحوّل المطلوب في سلاسل التوريد والاستجابة للمخاطر التي تتسبب بها العوامل الخارجية، تأتي الحاجة إلى استخدام تقنيات الجيل القادم للتنبؤ بالسلبيات المستقبلية بشكل أفضل والتكيّف معها سريعًا.
ومن أهم الأمثلة على التحولات المفاجئة التي يجب الاستعانة بالتقنيات الحديثة للتكيّف معها ما حدث في الولايات المتحدة في الفترة الأخيرة من الإغلاق المرتبط بالجائحة، حيث اكتشفت سلاسل البيع بالتجزئة الكبيرة أنها لديها كميات كبيرة من المخزون غير المرغوب فيه؛ لأن تفضيلات العملاء قد تغيرت.
وأشار التقرير أنه يمكن استخدام التقنيات الحديثة في عملية إدارة سلسلة التوريد لتحقيق الفوائد التالية:
– تحسين الكفاءة وخفض التكاليف: من خلال أتمتة المهام اليدوية وتبسيط العمليات وتحسين تخصيص الموارد.
– تعزيز المرونة وتخفيف المخاطر: يمكن للتقنية تحديد المخاطر في سلسلة التوريد بشكل استباقي، بما يسمح بالاستجابة السريعة.
– زيادة الشفافية وإمكانية التتبع: يمكن للتقنيات تتبع حركة البضائع والموارد عبر سلسلة التوريد، مما يوفر رؤية شاملة تضمن امتثال المنتج للمعايير.
– تقديم تجربة محسنة للعملاء: يمكن للتقنية أن تتيح تتبع الطلبات في الوقت الفعلي، وتخصيصها وفقًا للتوصيات الشخصية، مما يرفع من مستوى رضا العملاء.
– الاستدامة: يمكن للتقنية تحسين وسائل النقل وتقليل النفايات ومراقبة التأثير البيئي، وهو ما يدعم الامتثال للمعايير البيئية.
وبحسب التقرير تعتمد 51% من الشركات على منصات البيانات السحابية في إدارة سلسلة التوريد، في مقابل 46% تتبنى تقنية إنترنت الأشياء.
وتستخدم 37% من الشركات أدوات تحليل الإنفاق، بينما 26% من المؤسسات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في أعمالها، و16% تستخدم الروبوتات.
استخدام الذكاء الاصطناعي في سلاسل التوريد
سلّط التقرير الضوء على أهمية دمج الذكاء الاصطناعي في عملية إدارة سلاسل التوريد؛ لتحديد التحديات في تأخير العمليات وجودة المنتج وتكلفته بشكل استباقي، والتعرّف على أفضل الفرص في اختيار مصادر المواد الأولية والتسعير.
ونصح التقرير بزيادة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي التوليدي لإعداد التقارير عن كميات المخزون وأداء البائع وكفاءة التكلفة.
وأكد التقرير على ضرورة منح الأولوية لاعتبارات الأمن السيبراني والخصوصية، وهو إحدى المجالات الواعدة لاستخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
يؤدي الاستثمار في التقنيات المساعدة لإدارة سلسلة التوريد إلى تحقيق نتائج إيجابية تتمثل في انخفاض التكاليف وزيادة الإيرادات وتحسين الاستدامة وإدارة المخاطر بشكل أفضل.
كشف استطلاع رأي أجرته “Price Waterhouse Coopers” في الفترة ما بين أكتوبر 2019 ويناير 2020، شمل 1601 شركة، أن المؤسسات التي طورت قدرات رقمية لتحويل سلاسل التوريد الخاصة بها إلى أنظمة مستدامة نجحت في توفير 6.8% من تكاليف سلسلة التوريد سنويًا، مع زيادة الأرباح بمعدل 7.7%.
ويزيد هذا عن المستويات التي حققتها جميع الشركات بما يشمل تلك التي لم تحوّل سلاسل التوريد الخاصة بها، حيث بلغ معدل توفير التكاليف 5.9%، في مقابل 6.3% زيادة في الأرباح.
نصائح لتعزيز نمو سلاسل التوريد
أشار التقرير أن الأزمات المتفاقمة التي تسببت بها الاضطرابات الجيوسياسية العالمية ومن قبلها جائحة “كوفيد-19” تلزم الشركات بالمرونة في إدارة سلاسل التوريد لتحقيق النمو المرجو، من خلال اتباع مجموعة النصائح التالية:
– انخراط الإدارة في متابعة سلسلة التوريد: تقع إدارة سلسلة التوريد تقليديًا ضمن نطاق المشتريات، وفي إطار التحول نحو المرونة والاستدامة، يجب على المديرين التنفيذيين أن ينخرطوا في فهم وإدارة المخاطر والفرص بشكل مناسب.
– الفعالية في عرض القيمة: تحديد وضع الشركة بدقة والتركيز على مزاياها لكسب الموردين والمواقع والمواهب التي تعمل في مجالات سلسلة التوريد في ظل المنافسة الشديدة عليها.
– عدم الركون إلى الحوافز الحكومية: يتعين على الشركات النظر إلى ما هو أبعد من الربح السهل، بالبحث عن أهم المواهب والموردين المتاحين، وإجراء الدراسات لاختيار النظام البيئي المناسب للعمل.
– الاستثمار في التقنية: رقمنة النظام البيئي لسلسلة التوريد بما يتوافق مع استراتيجية العمل لتحقيق النمو على المدى الطويل؛ لمنح الإدارة رؤية مستقبلية للفرص والمخاطر.
– جعل المعايير البيئية والاجتماعية محرّكًا للنمو: دمجها في استراتيجية سلسلة التوريد كونها تمثل مصادر إيرادات جديدة، كما أن إغفالها يهدّد الاستمرار على المدى الطويل؛ لأن المستثمرين وصناع السياسات والسلطات الضريبية يضغطون باستمرار لاتباع ممارسات للتحول نحو الاستدامة.
– الشراكة بشكل استباقي مع الموردين: تعمل هذه الاستراتيجية على تعزيز الابتكار وتقليل المخاطر من خلال التنويع الاستراتيجي وتمكين النمو.
ملخص التقرير
– للاستجابة للمخاطر المستقبلية التي تهدّد نموّ الأعمال بسبب التغيرات في نظم سلاسل التوريد يجب الاستعانة بتقنيات الجيل القادم للتنبؤ بالمخاطر والتكيّف معها.
– يؤدي استخدام التقنيات الحديثة في عملية إدارة سلسلة التوريد إلى تحسين كفاءتها وخفض تكاليفها وتخفيف المخاطر وتقديم تجربة مُحسّنة للعملاء وتعزيز التحوّل نحو الاستدامة.
– تعتمد 51% من الشركات على خدمات التخزين السحابية في إدارة سلسلة التوريد، بينما 46% تتبنى تقنية إنترنت الأشياء.
– 26% من المؤسسات تعتمد على الذكاء الاصطناعي في إدارة سلسلة التوريد.
– يمكّن استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة سلسلة التوريد الشركات من التنبؤ بالمخاطر بشكل استباقي.
– يؤدي الاستثمار في التقنيات الحديثة للمساعدة في إدارة سلسلة التوريد لتحقيق نتائج إيجابية تتمثل في انخفاض التكاليف وزيادة الإيرادات وإدارة المخاطر بشكل أفضل.
– نجحت الشركات التي طوّرت قدرات رقمية لتحويل سلاسل التوريد إلى أنظمة مستدامة في توفير 6.8% من تكاليف التشغيل وزيادة أرباحها بمعدّل 7.7%.
– يتعين على الشركات جعل المعايير البيئية والاجتماعية محرّكًا للنمو بدمجها في استراتيجية سلسلة التوريد كونها تمثل مصادر إيرادات جديدة، كما أن إغفالها يهدّد الاستمرار على المدى الطويل.
