أدّت سوق الديون العالمية دورًا محوريًا في إنعاش الاقتصادات بعد الصدمة التي تعرّضت لها بسبب جائحة “كوفيد-19″، حيث واصلت إمداد الحكومات والشركات برأس المال، ومع ذلك، فهي تشكّل تحديًّا كبيرًا على مالية النظام الدولي في الوقت الحالي.
رسم تقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بعنوان “الديون العالمية 2025” مشهدًا قاتمًا للاقتصاد العالمي، حيث أشار أن مجموعة كبيرة من البلدان تقع تحت وطأة مديونية تاريخية، وهو ما يوجب على صناع السياسات التحوّل من استخدام الديون للتعافي إلى الاستثمار لتحقيق النمو.
الديون العالمية تزداد تراكمًا على البلدان والشركات
وفقًا للتقرير، اقترضت الحكومات والشركات من أسواق الديون العالمية خلال عام 2024 نحو 25 تريليون دولار، وهو مبلغ يقارب 3 أضعاف حجم الاقتراض في عام 2007.
ويعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى تراكم آثار الأزمة المالية العالمية في 2008، وجائحة “كوفيد-19”، حيث لجأت الحكومات إلى الدعم المالي الواسع من خلال الأسواق المالية لتفادي ركود عميق.
وتجاوز الدين السيادي ودين الشركات على مستوى العالم في 2024 حاجز 100 تريليون دولار، ما يعكس الاعتماد المتزايد على أدوات الدين.
وسجّل إصدار إصدار السندات السيادية في الأسواق الناشئة ارتفاعًا من نحو 1 تريليون دولار في عام 2007 إلى أكثر من 3 تريليونات دولار في 2024.
ووصل إجمالي ديون العالم القائم في هذه الأسواق إلى 12 تريليون دولار، بعدما كان عند مستوى 4 تريليونات قبل 17 عامًا.
ارتفاع في نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول
دفع التضخم العالمي خلال السنوات الأخيرة نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للانخفاض، لكن هذه المعدلات عادوت الارتفاع في عدد من دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
في عام 2024، بلغ معدل الدين السيادي القابل للتداول بالنسبة للناتج في دول المنظمة 84% أي ما يعادل 55 تريليون دولار، مقارنة بـ 82% في 2023.
وتتوقع المنظمة أن تصل النسبة إلى 85% في 2025، أي بزيادة 10% على مستويات عام 2019.
2027.. تاريخ مهم لسوق الدين العالمي
ينتهي أجل سداد 45% من الديون السيادسة لدول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بحلول عام 2025، ثلثها تقريبًا ذات فائدة ثابتة، ونحو 60% منها أُصدرت قبل تشديد السياسات النقدية في 2022.
وفي الأسواق الناشئة، ستستحق نحو 40% من الديون في ذات الفترة، وترتفع النسبة إلى أكثر من 50% لدى الدول منخفضة الدخل ومرتفعة المخاطر، بينها 25% تستحق خلال 2025 وحده.
وفي قطاع الشركات، فإن ثلث الديون القائمة ستستحق خلال نفس الفترة، ويشير التقرير إلى أن متوسط تكلفة هذه الديون أدنى من أسعار الفائدة المرجعية في كل سنة حتى 2027، مما يعني ارتفاعًا مؤكدًا في مدفوعات الفوائد.
اللاعبون الرئيسيون في سوق الديون العالمية
واصلت البنوك المركزية في معظم الاقتصادات حول العالم تنفيذ برامج تشديد السيولة في 2024، وهو ما أسهم في تراجع حجم السندات الحكومية التي تحتفظ بها هذه المؤسسات من 29% من إجمالي الدين في 2021 إلى 19%.
وفي المقابل، ارتفعت حصة الأسر من السندات الحكومية 5% إلى 11%، وبلغت حصة الأجانب 34% ارتفاعًا من 29%.
وتشير هذه الأرقام إلى تغيّر كبير في قاعدة المستثمرين، وتخشى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن تقود إلى تقلبات أكبر في أسواق رأس المال حول العالم؛ لتأثير هاتين الفئتين على اسعار الفائدة.
واختتمت المنظمة تقريرها بنصيحة للدول والمؤسسات بإعادة ترتيب الأولويات الاستثمارية، وتوجيه الدين نحو مشاريع إنتاجية تعزز القدرة التنافسية، وتدعم النمو طويل الأجل، بدلًا من الاستخدامات الاستهلاكية البحتة.