في عام 2023، استعد العالم لركود اقتصادي، ولكنه لم يتحقق بالكامل، وهذا لم يمنع خفض الميزانيات وتسريح أعداد كبيرة من العمال في كل قطاع تقريبًا.
وفي حين قد يكون هذا العام مهيأ للمزيد من الأمر ذاته، فإن المسوقين العالميين يظلون متفائلين.
يتجه الكثيرون بقوة نحو التسويق القائم على الأداء والمنصات الرقمية، لمساعدتهم على تحقيق نتائج قابلة للقياس لأعمالهم.
وتزداد جاذبية هذه القنوات من خلال شراء الإعلانات الآلية على غرار البرامج استنادًا إلى الجماهير التي يمكن قياسها، وغالبًا ما يتم تحسينها، في الوقت الفعلي.
ولكن مزيج الوسائط الصحي هو مزيج متوازن. ويتطلب تحقيق التوازن الصحيح اتباع نهج متعدد الوسائط، والتخصيص المستمر والقياس عبر مسار التسويق الكامل.
يستكشف إصدار هذا العام من تقرير التسويق السنوي لشركة “نيلسن”، كيف يقوم المسوقون العالميون بتخصيص الميزانيات وقياس النجاح – كل ذلك مع التركيز على إثبات وتحسين عائد الاستثمار لجهودهم.
من خلال دراسة أولوياتهم وخططهم، أبان التقرير عن عدة توصيات لشحذ استراتيجيات عائد الاستثمار الخاصة بالمسوقين لعام 2024 وما بعده.
استنادًا إلى النتائج التي توصل إليها التقرير من خلال الاستطلاع العالمي للمسوقين، تم تحديد أربعة موضوعات رئيسية.
1. تفاؤل الإنفاق في ازدياد
كان تحقيق عائد الاستثمار دائمًا على رأس أولويات المسوقين.
وفي حين أن “العائدات” قد تعني أكثر من مجرد أرقام مبيعات على جدول بيانات، فإن الطبيعة غير المستقرة للاقتصاد العالمي على مدى السنوات القليلة الماضية أجبرت المسوقين على التركيز على الإيرادات أكثر من أي مؤشر أداء رئيسي آخر.
ومع ذلك، يبدو المسوقون متفائلين هذا العام: حيث يتوقع 72% زيادة ميزانيات الإعلانات مقارنة بالعام الماضي، عندما توقع 64% فقط زيادة الميزانية.
وتبدو منطقة آسيا والمحيط الهادئ متفائلة بشكل خاص، حيث يتوقع 81% زيادة الميزانية، مقابل 56% فقط في عام 2023.
بحسب التقرير، يخطط المسوقون العالميون في المتوسط، لتخصيص 63% من ميزانياتهم للقنوات الرقمية، حيث تمثل وسائل التواصل الاجتماعي والبحث والفيديو عبر الإنترنت والعرض الرقمي أكبر الزيادات.
وفي سياق ذلك، قال المستجيبون في العام الماضي إنهم خصصوا ما يقرب من نصف ميزانياتهم لعام 2022 للقنوات الرقمية.
2. تكتيكات التسويق ومؤشرات الأداء الرئيسية غير متوافقة
مؤشرات الأداء الرئيسية للمسوقين هي عائد الاستثمار الطويل الأجل والكامل.
ومع ذلك، يخطط 70% لإعطاء الأولوية للتسويق القائم على الأداء على مبادرات بناء العلامة التجارية.
إن الهدف الرئيسي للمسوقين المتمثل في نمو الإيرادات، هو انعكاس واضح لمخاوف الركود التي كانت تلوح في الأفق في عام 2023.
وعلى الرغم من عدم اليقين الاقتصادي، فإن الأهداف والاستراتيجيات المعلنة للمسوقين تسلط الضوء على انفصال ملحوظ عن مؤشرات الأداء الرئيسية التي يرغبون فيها.
ومن منظور التخطيط، فإن أهم مؤشرات الأداء الرئيسية للمسوقين العالميين، هي عائد الاستثمار على المدى الطويل وعائد الاستثمار الكامل.
لكن التحول نحو التسويق القائم على الأداء، جنبًا إلى جنب مع بعض خطط شراء الوسائط الخاصة بهم، لن يدعم هذه الأهداف بشكل كامل.
وبحسب تقرير نيلسن، فإن التضخم وإنفاق المستهلك وعدم اليقين بشأن سلسلة التوريد، هي الاعتبارات الرئيسية للمسوقين للتخطيط الإعلامي في عام 2024.
وبالتالي، يخططون للاعتماد بشكل أكبر على التسويق القائم على الأداء، وأقل على بناء العلامة التجارية، لتحقيق هدفهم الرئيسي لهذا العام: توليد الإيرادات.
التسويق الذي يركز على التحويل لا يشكل سوى نصف المسار.
إن جهود التسويق التي تركز على التحويل (مثل العروض الترويجية وإعادة الاستهداف) جذابة لأنها سهلة القياس ويمكن أن تكون مفيدة في تحقيق مبيعات سريعة.
لكنها لا تفعل الكثير لجذب عملاء جدد، ويمكن أن تؤدي إلى تآكل العلامة التجارية عند استخدامها خارج استراتيجية تسويق شاملة.
قد يكون الالتزام بالإنفاق على الإعلان أمرًا صعبًا – حتى بالنسبة للشركات المتعددة الجنسيات الضخمة. لقد رأينا هذا بشكل مباشر عندما أوقفت العلامات التجارية العالمية مثل كوكاكولا وجنرال موتورز ونتفليكس جهود بناء العلامة التجارية بعد وصول جائحة كوفيد-19 في أوائل عام 2020.
قد تكون هذه الأنواع من القرارات مكلفة، حيث تُظهر بيانات “نيلسن” أن العلامة التجارية تخسر في المتوسط 2% من الإيرادات المستقبلية لكل ربع سنة تتوقف فيها عن الإعلان.
ومع ذلك، فإن العكس صحيح أيضًا: الاستثمار في تسويق بناء العلامة التجارية يمكن أن يدفع نمو الإيرادات.
إن فهم القيم والنتائج التي يقدمها كل عرض سيساعد المسوقين على تحقيق عائد استثمار كامل المسار.
3. الهيمنة الرقمية قد تضر بالعائدات الشاملة
مع توجه ما يقرب من ثلثي ميزانيات الوسائط نحو القنوات الرقمية وقنوات الأداء، قد لا يتمكن المسوقون من تحقيق العائدات الشاملة التي يبحثون عنها.
تختلف معدلات الوصول المستهدفة للإعلانات الرقمية بشكل كبير حسب المنطقة.
لا يمكنك التواصل مع الجماهير التي لم تصل إليها أبدًا. ومع ذلك، مقارنة بالأوقات الأقل تجزئة، فإن الوصول إلى الجماهير اليوم يتطلب فهمًا أعمق بكثير لكيفية تفاعلهم مع الوسائط، وخاصة عبر القنوات الرقمية.
من خلال النظر في الفروق الدقيقة لكل قناة – في سياق كيفية تفاعل الجماهير معها بالفعل – يمكنك فهم كيفية عملهم معًا لتحقيق أهداف الحملة الشاملة.
تتجلى تعقيدات المشهد الإعلامي اليوم بشكل كامل في بيانات معيار قياس الإعلانات الرقمية لعام 2023 من نيلسن، وخاصة في أمريكا الشمالية، حيث يبلغ متوسط معدل الوصول المستهدف للإعلانات الرقمية 65% فقط (64% في الولايات المتحدة و66% في كندا).
المعدلات أعلى في جميع أنحاء أوروبا وأعلى في دول مختارة في أمريكا اللاتينية. ومع ذلك، في جميع الأسواق، تكون معدلات الوصول المستهدف أعلى عبر الأجهزة المحمولة مقارنة بأجهزة سطح المكتب.
يمكن لبيانات الجمهور عالية الجودة على مستوى الشخص، أن تعمل بشكل كبير على تحسين جهود المسوقين في الوصول إلى جماهيرهم المستهدفة.
على الصعيد العالمي، لا يعني انتشار التلفزيون المتصل بالإنترنت المزيد من البث المباشر – حتى الآن.
نظرًا لانتشارها المتزايد، فإن التلفزيون المتصل بالإنترنت والبث المباشر يمثلان فرصة هائلة ومتنامية للمسوقين. ففي نهاية عام 2023، على سبيل المثال، نما البث المباشر ليمثل 36% من استخدام التلفزيون في الولايات المتحدة و24% في المكسيك.
ومن حيث الإنفاق الإعلاني، تلاحظ GroupM، وهي إحدى شركات الاستثمار الإعلامي الرائدة في العالم، أن التلفزيون المتصل بالإنترنت يتوقع نموًا سنويًا مركبًا بنسبة 9.5%، وصولًا إلى 45.8 مليار دولار أمريكي في عام 2028.
في حين ألهم تبني التلفزيون المتصل بالإنترنت نموًا كبيرًا في البث المباشر في بعض الأسواق، إلا أنه لم يكن له نفس التأثير في كل مكان حتى الآن.
على سبيل المثال، بلغ انتشار التلفزيون المتصل بالإنترنت في الدنمارك 56% في منتصف عام 2023، لكن الفيديو عند الطلب والبث المباشر لم يشكلا سوى 8% من استهلاك الفيديو عبر الأجهزة.
وفي بولندا، حيث تبلغ نسبة انتشار التلفزيون المتصل 42% ويقضي الجمهور ما يقرب من أربع ساعات أمام التلفزيون كل يوم، فإنهم يقضون 15 دقيقة فقط من هذا الوقت مع المحتوى المتدفق.
4. عدم التوافق في التكنولوجيا التسويقية
لا يقيس معظم المسوقين عائد الاستثمار الشامل.
مقارنة بالعام الماضي، يعرب المسوقون العالميون عن ثقة أكبر بكثير في قدرة تقنيات التسويق الخاصة بهم على قياس عائد الاستثمار لجهود التسويق الشامل.
في المتوسط، يقول 84% إنهم إما واثقون للغاية أو واثقون جدًا في قدرات قياس عائد الاستثمار الخاصة بهم، ارتفاعًا من 69% في عام 2023. الثقة هي الأعلى في أمريكا اللاتينية (90%)، والأدنى في أمريكا الشمالية (79%).
ومع ذلك، يقول 38% فقط من المسوقين العالميين إنهم يقيمون عائد الاستثمار الشامل لجهودهم التسويقية من خلال قياس التسويق التقليدي والرقمي معًا.
