تحوّل الذكاء الاصطناعي من وعد بعيد المنال إلى قوة تقنية عظمى، تعمل على تشكيل وإعادة صياغة واقع صناعات بأكملها، وزيادة الإمكانات البشرية، مما أدى إلى إحداث تغييرات على الطريقة التي يعمل بها نسبة كبيرة من الناس، وخلق واقع عالمي جديد.
ويثير اتجاه قادة الأعمال في قطاعات التجارة الإلكترونية والتمويل والإعلام والإعلان لنشر هذه التقنية على قطاع أوسع أسئلة حاسمة، أبرزها: ما هي أفضل الممارسات لزيادة انتشار الذكاء الاصطناعي؟ وكيف يمكن الاستثمار فيه بشكل استراتيجي يتوافق مع أهداف العمل؟ وكيف يمكن الاستفادة منه بشكل مسؤول؟
أصدرت مؤسسة “Statista” المتخصصة في أبحاث السوق والمستهلكين، تقريرًا عن اتجاهات الذكاء الاصطناعي المتوقعة حتى عام 2025 وما بعده، لاستكشاف الفرص المتاحة لتعزيز كفاءة الأعمال باستخدام هذه التقنية.
نظرة على سوق الذكاء الاصطناعي عالميًا
أحدثت تقنية الذكاء الاصطناعي ضجة عالمية في عام 2023، وينظر الخبراء إلى 2024 على أنه عام الطفرة في الاعتماد على هذه التقنية، مع وجود دلالات على أن الانتشار الأعمق لها سيكون في سنة 2025 وما بعدها.
وفي ظل المنافسة الاقتصادية العالمية المحتدمة، تتجه الشركات إلى التقنيات الرقمية للتكيف مع الواقع لتظل قادرة على المنافسة، مما يؤدي إلى ارتفاع متوقع في إيرادات سوق تقنية المعلومات العالمية من 17.25 تريليون ريال سعودي في عام 2024 إلى 20.63 تريليون ريال في 2028.
ويستحوذ الذكاء الاصطناعي على حصة تقدر بحوالي 690 مليار ريال من إجمالي قيمة سوق تقنية المعلومات في عام 2024.
ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 3.1 تريليون ريال في عام 2030، مقارنة بـ 2.6 تريليون ريال تمثل حجم سوق السحابة الإلكتروني اليوم، و2.3 تريليون ريال، القيمة الإجمالية لسوق المركبات الكهربائية اليوم.
ويعادل هذا الرقم الناتج المحلي الإجمالي لدول مثل السويد وأيرلندا وبلجيكا، بناء على بيانات 2024.
التجارة الإلكترونية مستفيد
تواصل التجارة الإلكترونية ازدهارها عالميًا، حيث ستبلغ إيراداتها 16.88 تريليون ريال بحلول نهاية العام الحالي، ومن المتوقع أن يصل السوق إلى 26.25 تريليون ريال بحلول 2029، مدفوعًا بمعدل نمو سنوي مركب قدره 9.5%.
وتشير التقديرات إلى أنه في عام 2025، سيشتري 2.9 مليار مستهلك السلع المادية عبر الإنترنت، وهو ما يمثل 36% من سكان العالم.
ومن المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي في نسبة 1.1% من نمو التجارة الإلكترونية البالغ 14.5% في العام الحالي، بمبلغ يقدر بحوالي 116.25 مليار ريال.
وفقًا لدراسة أجرتها مؤسسة “Salesforce”، بدأ ما يقرب من نصف شركات التجارة الإلكترونية في تجربة الذكاء الاصطناعي، وحوالي 30% قامت بدمجه بالكامل في عملياتها.
ويعد تنفيذ طلبات التجارة الإلكترونية عملية معقدة، تمزج بين سلاسل التوريد التقليدية للبيع بالتجزئة والحالة للتسليم السريع.
وتعد البيانات أحد أهم عناصر هذه المنظومة، ويساعد الذكاء الاصطناعي الشركات على التغلب على التعقيدات، عبر توقع الطلب على الإنترنت بسبب الموسمية.
ويساهم الذكاء الاصطناعي إلى جانب ذلك في إدارة المخزون، خاصة خلال مواسم الذروة.
ويحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في عمليات التوصيل، من خلال الاستفادة من التحليلات التنبؤية، لتحسين التنقل عبر تفادي الزحام المروري وظروف الطقس لضمان التسليم في الوقت المناسب.
ويتيح الذكاء الاصطناعي للعملاء تتبع الشحنات بشكل مباشر، ويبقيهم على اطلاع بمساراتها، مما يعزز تجربة التسوق الخاصة بهم.
ريادة للقطاع المالي
يعد القطاع المالي أحد أعلى القطاعات اعتمادًا على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ولا يفوقه سوى قطاع التقنية المتقدمة.
وتتنبأ التوقعات بحدوث زيادة كبيرة في الإنفاق على الذكاء الاصطناعي داخل القطاع المالي، بما يصل إلى 363.76 مليار ريال سعودي بحلول عام 2027، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 29%.
وتتصدر مؤسسات “كابيتال وان” و”جي بي مورغان” وبنك كندا الملكي تصنيف البنوك في مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي.
يؤكد هذا الاعتماد الواسع النطاق للذكاء الاصطناعي في القطاع المالي إلى جانب الاستثمارات الكبيرة في تقنياته استعداد القطاع للازدهار في عالم يتمحور حول هذه التقنية.
ومن المتوقع أن يتجاوز الإنفاق على الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي 168.75 مليار ريال سعودي في عام 2024، مما يمثّل قفزة كبيرة مقارنة بـ 2023، والتي وصلت قيمة الاستثمار بهذه التقنية خلالها 131.25 مليار ريال.
ومن الجدير بالذكر أن القطاع المصرفي يهيمن على استثمارات القطاع في الذكاء الاصطناعي.
في عام 2023، شكلت الخدمات المصرفية وحدها ما يقرب من 78.75 مليار ريال، وهو ما يقرب من 60% من إنفاق القطاع بأكمله.
ومن المتوقع أن يستمر هذا الاتجاه بمعدل مماثل حتى عام 2025، حيث سيتجاوز إجمالي الإنفاق على الذكاء الاصطناعي 217.5 مليار ريال، ستشكّل الخدمات المصرفية 127.5 مليار ريال منها.
عصر جديد من الإبداع الإعلاني
على مدى العقد الماضي، طغت وسائل الإعلام الرقمية على الوسائل التقليدية، حيث أعادت تقنيات الهاتف المحمول والمنصات الاجتماعية تشكيل استراتيجيات التسويق.
ومن المتوقع أن يتجاوز إجمالي الإنفاق الإعلاني في جميع أنحار العالم 3.75 تريليون ريال سعودي في عام 2024، على أن تمثّل الإعلانات عبر الإنترنت 70% من هذا المبلغ، مدفوعًا بالاستثمار في التسويق عبر قطاع البحث والإعلانات الصورية.
ويحمل الذكاء الاصطناعي فرصًا كبيرة للتحوّل نحو الجيل التالي لصناعة الإعلان، إذ يضيف 2.2% من إجمالي نمو السوق في عام 2024.
وتشهد عادات البحث عبر الإنترنت تغييرات مستمرة بمرور الوقت، حيث أصبح المستخدمون يفضلون الحصول على نتائج أكثر تخصيصًا.
ولهذا الغرض تم إطلاق أدوات الذكاء الاصطناعي للمحادثة، مثل “ChatGPT”، وتقدّم “Microsoft” و”Google” تجارب معتمدة على هذه التقنية في محركات البحث الخاصة بها.
تؤدي هذه التجارب للتأثير على زيارات المستخدمين لمواقع الويب؛ لذا يتعين على العلامات التجارية والمعلنين تبني استراتيجيات جديدة؛ للاستفادة من واجهات المحادثة القائمة على الذكاء الاصطناعي.
ويمثّل المؤثرون الافتراضيون أحد أحدث اتجاهات الإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي، مع توقعات بارتفاع شعبيتهم في 2025.
يمثّل المؤثر المبني على نموذج للذكاء الاصطناعي مُعلن لا يتعثر أبدًا ويتوافق مع رسالة العلامة التجارية بتطابق تام.
ملخص التقرير
– ينظر الخبراء إلى 2024 على أنه عام الطفرة في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي، مع وجود دلالات على أن الانتشار الأعمق لها سيكون في سنة 2025 وما بعدها.
– يستحوذ الذكاء الاصطناعي على حصة تقدر بحوالي 690 مليار ريال من إجمالي قيمة سوق تقنية المعلومات في عام 2024، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 3.1 تريليون ريال في عام 2030.
– تشير التقديرات إلى أنه في عام 2025، سيشتري 2.9 مليار مستهلك السلع المادية عبر الإنترنت، وهو ما يمثل 36% من سكان العالم.
– من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي في نسبة 1.1% من نمو التجارة الإلكترونية البالغ 14.5% في العام الحالي، بمبلغ يقدر بحوالي 116.25 مليار ريال.
– يساعد الذكاء الاصطناعي في نمو التجارة الإلكترونية عبر توقع الطلب وإدارة المخزون وتحسين تجربة المستهلك
– يعد القطاع المالي أحد أعلى القطاعات اعتمادًا على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ولا يفوقه سوى قطاع التقنية المتقدمة.
– تشير التقديرات أن الإنفاق على الذكاء الاصطناعي في القطاع المالي سيتجاوز 168.75 مليار ريال سعودي في عام 2024، مع توقعات بزيادة أكبر في السنوات التالية.
– يتعين على العلامات التجارية والمعلنين تبني استراتيجيات جديدة؛ للاستفادة من واجهات المحادثة القائمة على الذكاء الاصطناعي.
– يمثّل المؤثرون الافتراضيون أحد أحدث اتجاهات الإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي، مع توقعات بارتفاع شعبيتهم في 2025.