بعد صعود الذكاء الاصطناعي وتصدّره المشهد الرقمي في 2023، يُنتظر أن تقود التقنية موجة جديدة من التجديد خلال 2024 تؤثر على جميع أركان كل الأعمال التجارية، مما سيغيّر الطريقة التي نعمل ونعيش بها في المستقبل القريب.
ومن جهة أجرى، تتغيّر تقنيات الذكاء الاصطناعي لتصبح أكثر إنسانية مع الوقت، وتتكيّف معنا كما نحاول التكيّف معنى، حتى أصبحت قادرة على إنشاء نصوص وصور واقعية كما لو تم إنشاؤها بواسطة أشخاص حقيقيين.
أصدرت شركة “Accenture” تقريرًا عن رؤيتها لمستقبل التقنية في 2024، والذي يشير أن الذكاء الاصطناعي سيطلق العنان للمستوى التالي من الإمكانات البشرية، ويركز على الوتيرة السريعة للابتكار في الذكاء الاصطناعي التوليدي والواجهات البشرية الجديدة؛ لتمكين قادة الأعمال من اتخاذ قرارات بشأن التقنيات التي يتعيّن عليهم البدء في الاعتماد عليها.
مشهد يتغيّر
يتوقع التقرير أن تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي دورًا أساسيًا في إعادة تنظيم المعرفة بطرق تسهّل التفكير البشري بدلًا من الاطلاع على نتائج تم التوصل إليها سابقًا من خلال محركات البحث.
سيتحول البحث على الإنترنت إلى تجربة تجميعية، تفتح لقادة الأعمال والمستهلكين رؤى جديدة، بدلًا عن تقديم خيارات محدودة.
وفقًا للتقرير، بحلول عام 2029، سيتلقّى المستشار الرقمي القائم على الذكاء الاصطناعي طلبات أكثر من محركات البحث التقليدية.
ولتحقيق ذلك، ستتطلب هذه التقنية أساسًا أكبر للبيانات يسهل الوصول إليه، وتعد الرسوم البيانية حجر الزاوية في هذا التطوير.
واستشهد التقرير بالنجاح الذي حققه التحوّل في الأعمال التجارية إلى قاعدة بيانات بالشكل البياني، مما وفّر أكثر من أربعة ملايين ساعة سنويًا من وقت مندوبي المبيعات.
يرى التقرير أن الذكاء الاصطناعي سيصبح بمثابة وكيل أعمال لكل شخص، ينظم كل مهامه الوظيفية، ويرشده إلى اتخاذ القرارات السليمة عند تصنيفه كمستهلك.
ساعد الجيل الأول من النماذج اللغوية الكبيرة في إنشاء وكلاء ذكاء اصطناعي متاحين للجميع، وتكمن الموجة التالية من الابتكار في بناء وكيل خاص بكل مجال.
كشف استطلاع رأي أجرته شركة “Accenture” أن 96% من المديرين التنفيذيين يتفقون على أن الاستفادة من وكلاء الذكاء الاصطناعي الخاصين ستمثّل فرصة كبيرة للأعمال في السنوات الثلاث المقبلة.
تشمل الأمثلة المبكرة لهذه التقنية “AutoGPT” و”BabyAGI” و”MetaGPT” و”Google’s LATM” و”ChatGPT”.
ومع ذلك، لا تزال هناك مشكلة قائمة، تتمثل في الحاجة إلى المزيد من العمل حتى ندع الذكاء الاصطناعي يتصرف نيابة عنا أو كوكيل لنا.
تتأتى هذه المشكلة من أن العملاء أنفسهم لا يزالون يسيئون استخدام الأدوات، بينما تقدّم الأخيرة استجابات غير دقيقة في كثير من الأحيان؛ لذا تبرز الحاجة إلى زيادة العمل على تطويرها.
دمج عالمين
حققت صناعة التقنية تقدمًا كبيرًا في الأدوات لتغيير واجهات المستخدم من الشاشات ثنائية الأبعاد إلى البيئات ثلاثية الأبعاد.
يتمثل هذا التغيير في الحوسبة المكانية، والتي تشمل والعالم الافتراضي، والتوائم الرقمية، والواقع المعزز.
ستساعد تقنية الحوسبة المكانية على دمج العالم الرقمي بالمادي؛ لتقديم تجارب جديدة لقادة الأعمال والمستهلكين ومطوري المنتجات، من خلال تمرير كميات كبيرة من المعلومات المعقّدة.
يرى التقرير إمكانية لنمو الحوسبة المكانية لتصبح رائدة في المستقبل، مثل أجهزة الكمبيوتر المكتبية والهواتف المحمولة، مما يبشّر بعصر جديد من الابتكار التقني، ما يوجب على الشركات التفكير في تبنيها.
وعلى الرغم من أن هذه التقنيات لا تزال بعيدة نسبيًا عن وقت الذروة والاعتماد الآمن، فإنها تأتي بمجموعة متنوعة من المخاطر الأمنية والخصوصية والتنظيمية.
ومع ذلك، فإن الشركات التي تبدأ في تبنّيها وتتقن استخدامها في وقت قريب، ستحصل على ميزة في مجال عملها؛ لذا ينبغي عليها البدء في الاستثمار في هذه التقنيات للتحضير للفترة التي تصبح فيها أكثر نضجًا.
وتتحقق الاستفادة للشركات من التقنيات الجديدة عبر استقطاب المواهب البشرية المبدعة في هذا المجال، وتحديث بنيتها التحتية للتوافق معها.
تفاعل أفضل بين الإنسان والآلة
حققت شركات التقنية تقدمًا سريعًا في ابتكار الواجهات البشرية المدمجة بالأجهزة القابلة للارتداء التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إلى جانب تقنية استشعار الدماغ وتتبع حركة العين والحركة.
يمكن أن يؤدي هذا التقدم إلى تحسين حياة البشر، حيث وجدت دراسة أجرتها شركة “Accenture” أن تقنيات الواجهة البشرية ستسمح لنا بفهم السلوكيات والنوايا بشكل أفضل.
كما يفيد هذا التقدم في تعزيز ظهور الذكاء الاصطناعي بشكل إنساني أكثر، بعد أن شهدت الفترة الأولى لانتشار معاناة المستخدمين من عدم قدرته على إدراك التباينات بين البشر، إذ كان يقدّم الاستجابات بطرق مختلفة مع تباين الطلبات المقدمة إليه والتي تؤدي إلى نفس المعنى في النهاية.
ويجلب هذا التطوير مجموعة متنوعة من تحديات الخصوصية والأمان، فعلى سبيل المثال، سيخشى الناس من استخدام بياناتهم البيولوجية والسلوكية والحسية التي تحصل عليها الأجهزة.
وتحتاج الشركات إلى بيئة قانونية وتنظيمية أفضل لإقناع المستخدمين بموثوقية هذه الأدوات، وإزالة مخاوفهم المتعلقة بالخصوصية والأمان.
وإذا نجحت شركات التقنية في هذا الأمر، فستضمن زيادة أرباحها بفضل الذكاء الاصطناعي المتطور، بعد أن ارتفعت إيراداته منذ إطلاق “ChatGPT”.
ملخص التقرير
– يُتوقّع أن تلعب تقنيات الذكاء الاصطناعي دورًا أساسيًا في إعادة تنظيم المعرفة، عن طريق تسهيل التفكير البشري، بدلًا عن الاطلاع على نتائج تم التوصل إليها سابقًا من خلال محركات البحث.
– سيصبح الذكاء الاصطناعي بمثابة وكيل أعمال للأشخاص والمؤسسات، ينظّم المهام الوظيفية، ويقدّم النصائح حول القرارات السليمة.
– الاستجابات غير الدقيقة التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في كثير من الأحيان تعطّل الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في التصرّف نيابة عنًا أو كوكيل لنا.
– سيساعد التطور في تقنية الحوسبة المكانية على دمج العالم الرقمي بالمادي ومعالجة كميات كبيرة من المعلومات المعقدة، مما يحسّن تجربة أصحاب الأعمال والمستهلكين.
– ستحصل الشركات التي تبدأ في تبنّي تقنية الحوسبة المكانية، بالاستثمار فيها ودعم المواهب البشرية بهذا التخصص، على ميزة في مجال عملها خلال المستقبل القريب.
– يمكن أن يؤدي التقدّم في الواجهات البشرية المدمجة بالأجهزة القابلة للارتداء التي تعمل بالذكاء الاصطناعي إلى فهم سلوكيات ونوايا المستخدمين بشكل أكبر.
– سيواجه المستخدم مخاوف أكبر تتعلق بالخصوصية والأمان مع انتشار الواجهات البشرية، خاصة من مشاركة البيانات البيولوجية والسلوكية والحسية.
– يتوقع أن تستمر الزيادة في أرباح الشركات المدفوعة باستخدام الذكاء الاصطناعي، استكمالًا للنمو الذي لا يتوقف منذ إطلاق “ChatGPT”.