بخطة استراتيجية لافتة، ودعم غير مسبوق حظي به قطاع السياحة من القيادة؛ جاءت المملكة ثانياً في نمو عدد السياح الوافدين على مستوى العالم، في الشهور السبعة الأولى من العام الجاري 2023، بنسبة نمو بلغت 58% مقارنة بالفترة ذاتها من 2019، حسب تقرير السياحة العالمي “باروميتر” الصادر عن منظمة السياحة العالمية.
قفزة كبيرة
فتحت المملكة أبوابها للسياحة في عام 2019، فيما استأنفت استقبال السياح ضمن خطوات استكمال التعافي في عام 2021، لتستقطب زواراً من مختلف دول العالم بعد تخفيف القيود الاحترازية الخاصة بجائحة كورونا.
في عام 2022، حققت المملكة قفزة كبيرة في ترتيب الدول الأكثر نموا في استقبال السياح الدوليين، إذ استقبلت 16.6 مليون سائح في ذلك العام، للتقدم 12 درجة وتصل إلى المركز الـ13، مقارنة بالمركز الـ25 في عام 2019.
وها هي، الآن، وبعد أيام قليلة من نجاح الرياض في استضافة فعاليات “يوم السياحة العالمي”، تحت شعار “السياحة والاستثمار الأخضر”، بحضور أكثر من 500 من المسؤولين الحكوميين وقادة القطاع والخبراء من 120 دولة، تحقق إنجازات دولية متتالية، تعزز مكانتها لقيادة المشهد السياحي على مستوى العالم، وتحقق المركز الثاني عالمياً في نمو أعداد السياح، وقد جاء ذلك “كمتابعة للإنجازات المتميزة التي حققتها الدولة في القطاع السياحي، وقيادتها للمشهد العالمي”، بحسب تقرير السياحة العالمي “باروميتر”، الصادر عن منظمة السياحة العالمية.
انتعاش قوي بعد “أعمق أزمة”
القفزة الكبيرة التي حققتها المملكة في قطاع السياحة عالمياً، لم تأت في ظروف طبيعية يعيشها العالم، إذ يشير تقرير السياحة العالمي أن السياحة عانت من أعمق أزمة لها في التاريخ المسجل خلال جائحة كوفيد-19، في الفترة من 2020 إلى 2022.
في هذه الفترة، انخفض عدد السائحين الدوليين (الزائرين ليلاً) من 1,465 مليوناً في عام 2019 إلى 407 ملايين في عام 2020، وهو انخفاض بنسبة 72% في عام واحد فقط، والسبب: عمليات الإغلاق العالمية وقيود السفر واسعة النطاق وتراجع الطلب على الزوار.
ثم جاء عام 2021، الذي شهد ارتفاعاً في عدد الوافدين بشكل طفيف لكنه ظل أقل بنسبة 69% من مستويات عام 2019، بينما كان العالم لا يزال في معركته مع الوباء، واستمر فرض معظم القيود، ولكنّ ذلك لم يمنع انتعاش السياحة الداخلية بشكل معتدل في عدة دول، وفق التقرير.
وفي التفاصيل أيضاً، أن عام 2022 شهد انتعاشاً جزئياً في السفر الدولي مدفوعاً بالطلب القوي وتخفيف القيود، مع تضاعف عدد الوافدين مقارنة بعام 2021 ولكنه ظل أقل بنسبة 34% من مستويات 2019.
أفضل أداء في 2022
بحسب التقرير، فقد تمتعت منطقة الشرق الأوسط بأقوى انتعاش في عام 2022، حيث وصل عدد الوافدين إلى 90% من مستويات ما قبل الوباء (-10% مقابل 2019) تليها أوروبا (-20%) والأمريكيتين (-29%) مع انحسار الوباء ببطء وعادت ثقة المسافر.
وشهدت منطقة الشرق الأوسط وأوروبا أفضل النتائج من حيث الإيرادات في عام 2021، حيث نمت بنسبة 42% و23% على التوالي مقارنة بعام 2020، لكنها ظلت أقل بنسبة 37% و47% من مستويات 2019 (بالعملات المحلية والأسعار الثابتة).
تأثير جائحة كورونا على السياحة
كانت ضربات كورونا لقطاع السياحة موجعة، وزّع خسائره على ذلك القطاع الحيوي، للحد الذي بلغ معه عدد الوافدين الدولين في الأعوام 2020 و2021 و2022 مجتمعة، نحو 2.6 مليار وافد، أي ما يقرب من ضعف عدد الوافدين المسجلين في عام 2019.
فيما انخفضت عائدات التصدير من السياحة الدولية بنسبة 62% في عام 2020 و59% في عام 2021، مقارنة بعام 2019، ثم انتعشت في عام 2022، وبقيت أقل بنسبة 34% من مستويات ما قبل الوباء.
ووصل إجمالي الخسارة في عائدات التصدير من السياحة إلى 2.6 تريليون دولار خلال فترة الثلاث سنوات تلك. وهذا يعادل مرة ونصف الإيرادات المحققة في عام 2019.
وبالتبعية، انخفضت المساهمة الاقتصادية للسياحة، مقاسة بالناتج المحلي الإجمالي المباشر للسياحة (TDGDP)، بمقدار النصف بسبب الوباء، من 4% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2019 إلى 2% في عامي 2020 و2021. ثم ارتفعت إلى 2.5% في عام 2022. بحسب التقديرات الأولية. وبلغت الخسارة الإجمالية الناتجة للسنوات الثلاث 4.2 تريليون دولار.
قطاع اقتصادي رئيسي
كانت ضربات كورونا موجعة لقطاع السياحة، لأنه قطاع حيوي واستراتيجي للدول، إذ يمثل فئة تصدير رئيسية ومصدر للعملة الأجنبية، وفي عام 2019 بلغت عائدات التصدير من السياحة الدولية 1.8 تريليون دولار، أي ما يعادل 28% من تجارة الخدمات العالمية و7% من إجمالي صادرات السلع والخدمات، فيما تمثل عائدات السياحة أكثر من 50% من إجمالي الصادرات في بعض الدول الجزرية الصغيرة النامية، بحسب تقرير السياحة العالمي.
كما أن السياحة تدعم الملايين وتوفر لهم وظائف وسبل العيش، خاصة بالنسبة للفرص المتاحة للشباب، والشركات متناهية الصغر وصغيرة الحجم، التي تمثل نحو 80% من شركات السياحة حول العالم.
ملخص التقرير:
- ساهم الحراك الموسع للحكومة السعودية لتعزيز القطاع السياحي في صعود المملكة إلى المركز الثاني في نمو عدد السياح الوافدين على مستوى العالم.
- زيادة أعداد السياح الوافدين إلى المملكة سيجعلها مقصداً للشركات ورؤوس الأموال الأجنبية من أجل الاستثمار في القطاع السياحي.
- في العقود التي سبقت عام 2019 شهدت السياحة توسعاً مستمراً بالرغم من بعض الأزمات، لتصبح واحدة من أكبر القطاعات الاقتصادية وأسرعها نمواً في العالم.
- شهد عدد السياح الدوليين نمواً متسارعاً بلغ 5% بين عامي 2009 و2019، على أساس سنوي.
- سجل عام 2019، 5 مليار وافد حول العالم، ارتفاعاً من 900 مليون في عام 2009.
- أحدثت جائحة كورونا في 2020 خسائر كبيرة بقطاع السياحة، لكن في عام 2022 شهد القطاع تحسناً لافتاً بالرغم من ظهور متحور أوميكرون في نهاية 2021، والغزو الروسي لأوكرانيا.
- سافر حوالي 963 مليون سائح دولي في عام 2022، أي أكثر من ضعف العدد في عام 2021، ولكن يظل الرقم أقل بنسبة 34% عما كان عليه في عام 2019.