تؤكد الخطط المالية للمملكة الالتزام الثابت بدعم إصلاحات ومبادرات رؤية 2030، والتي تظهر نتائجها في زيادة الدخل المرتبط بالأنشطة غير النفطية، وترشيد الإنفاق التشغيلي لوصول لاقتصاد سعودي متنوع بين الأكبر والأقوى عالميًا.
وأصدرت وزارة المالية ميزانية المملكة لعام 2024، في 6 ديسمبر 2023؛ لتحديد الأهداف الاقتصادية للبلاد خلال السنة الجارية.
وفي تحليل للميزانية، أجرته شركة “Strategy Gear”، الرائدة في مجال الاستشارات الإدارية، يتبيّن أن الموازنة تمنح الأولوية للاستدامة المالية وجذب الاستثمار وتحفيز النشاط الاقتصادي، مع توجيه الإنفاق التوسعي لتسريع تنفيذ رؤية 2030 والمشاريع والبرامج المرتبطة بها.
وبشكل عام، يستمر نمو اقتصاد المملكة في الارتفاع، ويبقى التضخم تحت السيطرة، بينما يزداد المركز الخارجي للبلاد تعزيزًا، مما يمنح السعودية نظرة مستقبلية إيجابية على المدى القصير والمتوسط.
الإيرادات والنفقات
وفقًا لبيان الميزانية، من المتوقع أن يصل إجمالي الإيرادات إلى 1172 مليار ريال سعودي في عام 2024، أي أقل بنسبة 1.7% من المستوى الفعلي لعام 2023.
وبينما لم تحدد الميزانية توزيع توقعات الإيرادات النفطية وغير النفطية لهذا العام، أبرزت أهم مصادر الدخل المتعلق بالفئة الثانية.
ولا يزال دخل ضريبة القيمة المضافة يساهم بأكبر قدر من بين المصادر غير النفطية الأخرى، والتي تشمل الضرائب على الدخل والأرباح ومكاسب رأس المال، والتي من المتوقع أن تقل بنسبة 13.8% عن عام 2023، لتمثّل 2.6% من إجمالي الإيرادات.
وبالنسبة للضرائب على السلع والخدمات، من المتوقع أن ترتفع إيراداتها بنسبة 5.6% مقارنة بالسنة الماضية؛ لتمثّل 23.8% من إجمالي الإيرادات.
كما أنه من المتوقع أن ترتفع إيرادات الضرائب على التجارة والمعاملات الدولية بنسبة 5% مقارنة بعام 2023، لتشكّل 1.7% من إجمالي الإيرادات.
ويتوقع تقرير “المالية” أن تكون النفقات في 2024 أقل بنسبة 1.8% من النفقات الفعلية لعام 2023، لتصل إلى إجمالي 1275 مليار ريال.
وتمثّل فاتورة الأجور أكثر من 50% من النفقات، بما يتماشى من جهود الحفاظ على التوظيف في القطاع العام.
ويكشف توزيع النفقات حسب القطاع عن اتجاه يتوافق إلى حد ما مع السنوات السابقة، حيث يتم تخصيص ما يزيد عن 50% من الموازنة للدفاع والتعليم والرعاية الصحية والخدمات الأمنية والموارد الاقتصادية.
الميزان المالي والدين العام
وبحساب الفارق بين النفقات والإيرادات، من المتوقع أن يبلغ العجز المالي 79 مليار ريال في موازنة 2024، وهو ما يمثل 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بعجز قدره 82 مليار ريال في 2023، وفائض قدره 104 مليار ريال في 2022.
ويرتبط العجز المتوقع لعام 2024 بالتقديرات الأساسية التي تبني توقعات الإيرادات النفطية وغير النفطية على معايير متحفظة تحسبًا لأي اضطرابات قد تحدث في الاقتصاد المحلي العالمي.
وفي أفضل السيناريوهات، يمكن أن يتحول الرصيد المالي هذا العام إلى فائض قدره 234 مليار ريال، في حين أن التوقع الأسوأ يذهب إلى تحقيق عجز يقدر بـ 102 مليار ريال.
ولتمويل العجز، من المتوقع إصدار ديون بأنواع مختلفة، في ظل الهامش الكبير بين معدل الدين الحالي والسقف الأعلى له.
ومن المتوقع أن يصل الدين العام في عام 2024 إلى 1103 مليار ريال، بما يوازي 25.9% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 1024 مليار ريال في 2023.
ولا يزال إجمالي الديون أقل من سقف الدين الحكومي والبالغ 50% من الناتج المحلي الإجمالي.
وفقًا لتوقعات “المالية” على المدى المتوسط، سيرتفع الدين العام إلى 26.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، وإلى 26.9% من الناتج المحلي الإجمالي في 2026.
وبالنظر إلى انخفاض نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في المملكة بدول مجموعة العشرين ودول “البريكس” الأخرى والاحتياطي الأجنبي الكبير، من المتوقع أن تظل معدلات الاقتراض منخفضة.
نقاط القوة
تفترض توقعات الموازنة لعام 2024 أن ينتعش النمو في الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 4.4%، مدفوعًا في المقام الأول بنمو الناتج المحلي الإجمالي للأنشطة غير النفطية، إلى جانب زيادة فرص الأعمال، وخلق فرص العمل، فضلًا عن تحسن الاقتصاد بشكل عام، والميزان التجاري للمملكة، واستمرار المشاريع والبرامج في إطار رؤية 2024.
وتتماشى توقعات “المالية” مع تقديرات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، التي تتوقع وصول النمو في 2024 إلى 4% و4.1% على التوالي.
كما تتوقع الميزانية انخفاض معدل التضخم إلى 2.2% في عام 2024، مما يعكس جهود المملكة لاحتواء التضخم ومواصلة برامج الحماية الاجتماعية.
وعدّدت شركة “Strategy Gear” نقاط القوة في الموازنة والاقتصاد السعودي ككل، والتي تتمثل في:
– تزايد حصة مصادر الدخل غير النفطية.
– تحقيق عائدات نفط مستدامة، والاستفادة من وضع المنتج المتأرجح في منظمة “أوبك”.
– الحفاظ على احتياطات نقد أجنبية كبيرة.
– انخفاض البطالة الإجمالية للشباب، وزيادة مشاركة الإناث في القوى العاملة.
– تعزيز النظام المصرفي القوي.
– تحسين بيئة الأعمال والبيئة التنظيمية.
ويرى تحليل للشركة أن هناك فرص سانحة لزيادة الاقتصاد السعودي، تشمل تحقيق مكاسب من التنفيذ الناجح لمبادرات الرؤية، والاستفادة من هوامش الأمان القوية بسبب انخفاض الديون عن السقف المحدد والتصنيفات الائتمانية القوية.
وسلط التحليل الضوء على العلاقات الثنائية القوية مع الدول التي تقود التجارة والاستثمار الأجنبي المباشر، ودعم القطاع الخاص المتنامي، كفرص لزيادة النمو الاقتصادي.
ملخص التقرير
– تفترض توقعات الموازنة لعام 2024 أن ينتعش النمو في الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 4.4%، مدفوعًا في المقام الأول بنمو الأنشطة غير النفطية، وتحسّن الاقتصاد ككل.
– تتوقع ميزانية المملكة لعام 2024 أن يبلغ إجمالي النفقات بالريال السعودي 1251 مليار ريال، وهو أقل قليلًا مما كان عليه في 2023.
– من المتوقع انخفاض النفقات الرأسمالية والنفقات التشغيلية بنسبة 6.8% و0.9% على التوالي، عكس الاتجاه المرتفع في العام الماضي.
– يظهر التوزيع القطاعي لنفقات الموازنة نمطًا يتوافق مع السنوات السابقة، حيث تم تخصيص ما يزيد عن 50% من إجمالي النفقات للتعليم والدفاع والصحة والتنمية الاجتماعية.
– من المتوقع أن تبلغ الإيرادات الحكومية في عام 2024 حوالي 1172 مليار ريال سعودي، أي أقل بنسبة 1.7% عما كانت عليه في 2023.
– تتوقع الميزانية انخفاض معدل التضخّم إلى 2.2%، كأحد أدنى المعدلات بين أعضاء مجموعة العشرين وعلى المستوى العالمي.
– تتوقع الميزانية أن يصل العجز في الرصيد المالي لعام 2024 إلى 79 مليار ريال، بما يوازي 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أقل من العجز البالغ 82 مليار ريال في 2023.
– تخطّط الحكومة لمواصلة تنويع ملف ديونها وأدواتها، بما في ذلك إصدار السندات والصكوك والقروض، بالإضافة لتعزيز مكانتها في الأسواق الدولية.