يرى خبراء معهد الاستدامة بمؤسسة إدارة الموارد البيئية “ERM” أن عام 2024 يمثّل فرصة ملائمة لتسريع تحقيق أهداف إبقاء الأنظمة الحيوية للكوكب منتجة مع مرور الوقت.
وفي تقريره السنوي لاتجاهات الاستدامة، الصادر في يناير 2024، أوضح المعهد أن هذا العام قد اكتسب زخمًا كبيرًا مقارنة بسابقه، نتيجة للنتائج التاريخية لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ “COP28″، والاحتضان العالمي للعمل المتزامن بشأن المناخ والطبيعة.
يأتي ذلك بينما تنافس قضايًا ملحّة أخرى على الاهتمام، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية، في ظل العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين، والحرب في أوكرانيا، وتصاعد التوترات بين الولايات المتحدة والصين.
ومع ذلك، بسبب الانتخابات الكبرى في مختلف أنحاء العالم، سيجد القادة أنفسهم مضطرين إلى إدارة مخاطر الطاقة وسلاسل التوريد خلال تعاملهم مع الحملات الانتخابية.
يغطّي التقرير اتجاهات الاستدامة لعام 2024، استنادًا إلى أبحاث ومقابلات مكثفة مع خبراء متخصصين، لتسليط الضوء على التطورات الأكثر أهمية وتقديم توصيات لمساعدة الأعمال على مواكبتها.
استجابة أفضل لتغير المناخ
يسلّط الطقس المتطرف الذي ظهر في مناطق مختلفة من العالم خلال العام الماضي الضوء على الحاجة الملحّة للعمل المناخي.
وبعد أن تضررت الثقة في أسواق الكربون الطوعية، يقترح خبراء معهد الاستدامة بمؤسسة “ERM” أن وضع معايير صارمة يوفّر الأمل في التعافي.
في الوقت الحالي، تضاعف البلدان اعتمادها على الطاقة المتجددة، إلا أن الوقود الأحفوري لا يزال في قيادة المشهد.
يأتي هذا بينما أقر مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ “COP28” بضرورة مضاعفة مصادر الطاقة المتجددة 3 مرات، والابتعاد عن الوقود الأحفوري.
وعلى مستوى الأعمال، هناك اتجاه لدى المقرضين والمستثمرين لتشجيع الشركات على إزالة الكربون، كما أن العديد من المؤسسات تتبنى استراتيجيات من شأنها المساهمة في التخلص من المسبب الرئيسي لظاهرة تغير المناخ باستخدام التقنية.
وقدّم التقرير مجموعة من التوصيات للشركات للاستجابة لتغير المناخ، من شأنها تحقيق أقصى استفادة، وتتمثل فيما يلي:
– منح الأولوية لإزالة الكربون بشكل مباشر من عمليات الشركة، قبل البحث عن طرق لخفض الانبعاثات عن طريق أسواق الكربون أو الآليات التقنية.
– الاتجاه لأسواق الكربون الطوعية، والتأكد من جودة المشتريات المستقبلية لتجنب الجدل.
– تقييم أولويات إزالة الكربون للمساهمين الرئيسيين في الشركة والحوافز التي يقدمونها لهذا الغرض.
– مراجعة انبعاثات الشركة لتحديد ما إذا كانت إزالة الكربون التقنية خيارًا ممكنًا من الناحية المالية والتشغيلية.
إنتاج مستدام
حققت جهود الاستدامة التي تم بذلها خلال السنوات والعقود الأخيرة نجاحًا ملحوظًا، إذ أصبحت الحكومات تتخذ إجراءات لوقف استخدام البلاستيك، منعًا لآثاره الضارة بالبيئة.
ومن جانب آخر، يدفع المستثمرون الشركات لمواجهة المخاطر المالية لاستخدام البلاستيك، فيما يطالب المستهلكون بالشفافية ويبحثون عن الاستدامة فيما يشترون؛ لذلك تبرز القيمة التجارية للإنتاج الدائري بشدة.
واستجابة لذلك، تعمل الشركات على تكثيف جهود الابتكار الرامية إلى إيجاد بدائل مستدامة للبلاستيك، وتؤدي دائرية المنتج إلى تقليل النفايات وتخفيف الانبعاثات.
ولتسريع الإنتاج المستدام، يتعين على الشركات متابعة فرص الحد من استخدام البلاستيك والتركيز على المواد المستدامة.
وينبغي على الشركات أيضًا أن تقوم بتنفيذ عملية مشاركة سلسلة القيمة لتتبع استدامة المنتج وتحسينه، ودمج مبادئ دائرية المنتجات في نماذج أعمالها وفي تصميم الخدمات والمنتجات، فضلًا عن دمج بيانات الاستهلاك والإنتاج المستدامين في أنظمة البيانات الخاصة بها.
ماذا تفعل الشركات في الوضع الجيوسياسي لعالمي الحالي؟
بدأ العام 2024 مع استمرر التوترات بين الولايات المتحدة والصين، وهو ما يولّد اضطرابات تجارية كبيرة.
ومع عدم انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية، تظل عمليات الشركات أكثر تعقيدًا، فيما نتج عن الصراع بين الاحتلال الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية تقلّبات كبيرة في الأعمال.
وحتى تتمكن الشركات من مواصلة جهودها نحو تحقيق الاستدامة في ظل المشهد السياسي العالمي المتطور، يتعين عليها العمل بمجموعة من التوصيات، تتمثل فيما يلي:
– رسم خريطة استباقية لبدائل العمليات والموردين في المناطق عالية المخاطر.
– تقييم المواقف السياسية التي قد تنفّر أصحاب المصلحة الأساسيين، قبل التحدث علنًا عن القضايا المثيرة للخلاف.
– تقييم تأثير الأحداث الجيوسياسة المحتملة على إزالة الكربون وجهود الاستدامة لوضع خطة للتعامل معها.
وسلّط التقرير الضوء على أهمية احترام الحقوق الأساسية للإنسان، كمُسرّع لتحقيق الاستدامة، في ظل أن تزايد الدعاوى القضائية والاحتجاجات يؤدي إلى تضخيم المخاطر التجارية والإضرار بسمعة الشركات.
ولفت التقرير أن نسبة كبيرة من الشركات في الوقت الحالي تعمل على تكثيف مشاركتها الاستباقية في مجال حقوق الإنسان لتجنب النزاعات.
ويوصي التقرير الشركات بإعداد استراتيجية خاصة بالعناية الواجبة بحقوق الإنسان، والمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها العمال.
كما يقترح التقرير أن تقوم الشركات بالاستثمار في قدرات ومهارات التفاعل الاجتماعي ضمن جهود تطوير فرق الأعمال، مع ترسيخ احترام حقوق الإنسان في بيئة العمل.
ملخص التقرير
– يمثّل عام 2024 فرصة ملائمة لتسريع تحقيق الاستدامة، نتيجة للنتائج التاريخية لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ “COP28″، والاحتضان العالمي للعمل المتزامن بشأن المناخ والطبيعة.
– يسلّط الطقس المتطرف الذي ظهر في مناطق مختلفة من العالم خلال العام الماضي الضوء على الحاجة الملحّة للعمل المناخي.
– هناك اتجاه لدى المقرضين والمستثمرين لتشجيع الشركات على إزالة الكربون، كما أن العديد من المؤسسات تتبنى استراتيجيات من شأنها المساهمة في التخلص من المسبب الرئيسي لظاهرة تغير المناخ باستخدام التقنية.
– يدفع المستثمرون الشركات لمواجهة المخاطر المالية لاستخدام البلاستيك، فيما يطالب المستهلكون بالشفافية ويبحثون عن الاستدامة فيما يشترون؛ لذلك تبرز القيمة التجارية للإنتاج الدائري بشدة.
– الشركات تتحمل مسؤولية تنفيذ عملية مشاركة سلسلة القيمة لتتبع استدامة المنتج وتحسينه، ودمج مبادئ دائرية المنتجات في نماذج أعمالها وفي تصميم الخدمات والمنتجات.
– حتى تتمكن الشركات من مواصلة جهودها نحو تحقيق الاستدامة في ظل المشهد السياسي العالمي المتطور، عليها رسم خريطة استباقية لبدائل العمليات والموردين في المناطق عالية المخاطر.
– ينبغي على الشركات تقييم المواقف السياسية التي قد تنفّر أصحاب المصلحة الأساسيين، قبل التحدث علنًا عن القضايا المثيرة للخلاف.
– احترام الحقوق الأساسية للإنسان في العمل يُسرّع عملية الاستدامة، بينما يؤدي تزايد الدعاوى القضائية والاحتجاجات إلى تضخيم المخاطر التجارية والإضرار بسمعة الشركات.