تمثل البيانات والتكنولوجيا الجغرافية المكانية في عالم اليوم، محوراً أساسياً لتطوير وتحسين تنفيذ البرامج الدولية؛ ففي عصر التحول الرقمي، يلعب الاستناد إلى البيانات وتكنولوجيا المواقع دوراً حيوياً في تعزيز الكفاءة والفعالية في تحقيق الأهداف الدولية المتنوعة.
وتولي الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أهمية خاصة لذلك الأمر، بحسب ما تشير الاستراتيجية الجغرافية المكانية للوكالة، التي تسلط الضوء على تعظيم الاستفادة من الجغرافيا المكانية، فيما تقول الوكالة إن هذه الاستراتيجية تعمل على تعزيز قدرتها على توفير القيادة الجغرافية المكانية عبر مجتمع التنمية الدولي.
يمكن تعريف البيانات الجغرافية المكانية بأنها البيانات التي تحتوي على معلومات ذات صلة بالمواقع الموجودة على سطح الأرض، إذ يُمكنك تحديد أماكن الأجسام والأحداث وظواهر العالم الحقيقي الأخرى الموجودة في منطقة جغرافية بعينها حيث تتحدد المنطقة من خلال إحداثيات خطوط الطول والعرض.
وتعمل البيانات الجغرافية المكانية على جمع معلومات الموقع حيث تتضمن خصائص أو سمات لمجموعات بيانات الأعمال الأخرى خلال فترة زمنية معينة، فيما تعد التكنولوجيا الجغرافية المكانية ضرورية لتوفير الأدلة لتشكيل التقدم التنموي وتقديم المساعدة الإنسانية المنقذة للحياة، بحسب الاستراتيجية الجغرافية المكانية للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
وتشير استراتيجية الوكالة إلى أنه منذ تأسيس الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) في عام 1961، تطورت البيانات والأدوات الجغرافية المكانية (المعتمدة على الموقع) بشكل كبير، مشيرة إلى أنه عندما تم إنشاء نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) في السبعينيات، كان استخدامه حصرياً تقريباً من قبل الجيش الأمريكي، أما اليوم، تلتقط الأقمار الصناعية الموجودة في الفضاء دفقاً شبه مستمر من صور الأرض بأكملها والتي يتم إتاحتها للجمهور، في وقت تأتي فيه معظم الأجهزة المحمولة مدمجة مع تطبيقات الخرائط الافتراضية.
وتوفر هذه البيانات والتقنيات الجغرافية المكانية للناس القدرة على المشاركة في تنمية مجتمعاتهم وبلدانهم بشكل أكثر نشاطاً وشمولاً، كما تعد المعلومات الجغرافية المكانية عنصراً حاسماً في النظم البيئية الرقمية ويمكن استخدامها لإثراء مشهد البيانات، وتحسين تقديم الخدمات الرقمية، ورفع مهارات القوى العاملة الرقمية، ورفع صوت المجتمعات المحرومة، بحسب استراتيجية الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، وهي أول استراتيجية جغرافية مكانية للوكالة على الإطلاق.
وتقول الوكالة إنها تستهدف أن يساعدها النهج الجغرافي للتنمية على تمكينها وشركائها من تطبيق جميع أشكال البيانات بشكل أكثر فعالية لتعزيز نتائج التنمية الدولية والمساعدة الإنسانية، علماً بأن النهج الجغرافي هو عملية تجمع البيانات والخبرة التحليلية من أجل فهم أفضل للمكان الذي تتركز فيه احتياجات التنمية والحد من مخاطر الكوارث، ومكان تنفيذ البرامج، وفعالية تلك البرامج حسب الموقع الجغرافي.
وتعد التكنولوجيا الجغرافية المكانية والبيانات حجر الزاوية في التقدم الحديث، حيث تتيح للمنظمات الدولية الوصول إلى معلومات دقيقة ومحددة الموقع، وفي هذا السياق، تصبح استراتيجية الاستفادة من هذه التقنيات أمراً حيوياً لتعزيز تأثير البرامج الدولية.
ويمكن تلخيص فوائد البيانات في تنفيذ البرامج الدولية، بأنها تعمل على – أولاً- تحليل الاحتياجات والتوجيه الفعّال: فمن خلال تحليل البيانات، يمكن للمنظمات الدولية فهم أفضل لاحتياجات المجتمعات المستهدفة، فيما يمكن استخدام هذه المعلومات لتوجيه الجهود وتحديد الأولويات، مما يساعد في تحقيق أقصى قدر من الفعالية في البرامج.
وثانياً، تساعد التكنولوجيا الجغرافية المكانية والبيانات على تحسين عمليات الرصد والتقييم: إذ توفر البيانات الدقيقة والموثوقة إمكانية تحسين عمليات الرصد والتقييم للبرامج الدولية، ويمكن استخدام هذه البيانات لتقييم تأثير البرامج وضبط الاستراتيجيات وفقاً للاحتياجات الفعلية. وثالثاً، تعمل على تسهيل عمليات التواصل والتفاعل: إذ تتيح البيانات تحديد أفضل وسائل التواصل مع المستفيدين والشركاء، مما يسهم في تحقيق تفاعل أفضل وتعزيز مشاركتهم في البرامج الدولية.
وتتيح التكنولوجيا الجغرافية المكانية للمنظمات تحسين عمليات التخطيط والتنظيم، حيث يمكن تحديد المواقع الأمثل لتنفيذ البرامج وضمان تغطية فعّالة للمناطق المستهدفة، كما تعمل على تعزيز الشفافية ومراقبة الأداء، إذ يمكن استخدام التكنولوجيا الجغرافية لتعزيز الشفافية في تنفيذ البرامج الدولية ومراقبة الأداء بشكل فعّال، مما يسهم في بناء الثقة والتعاون مع الشركاء والجماهير المستهدفة، كما تعمل على تعزيز التفاعل المجتمعي من خلال توفير أدوات لتسهيل المشاركة الفعّالة للمجتمعات المحلية في عمليات التخطيط واتخاذ القرار.
وتستخدم الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) البيانات الجغرافية بشكل واسع لتحسين فعالية وفعالية تنفيذ برامجها التنموية في مختلف أنحاء العالم، على النحو التالي: