بينما تستهدف المملكة الوصول إلى الزهاء الاقتصادي الكامل بحلول عام 2030، يبدو أنه ليس علينا الانتظار حتى هذا التاريخ لنلاحظ النجاحات الكبيرة التي حقّقتها خطة تنويع الموارد المالية للبلاد، والتي تقوم على زيادة مساهمة الأنشطة غير النفطية في الناتج المحلي الإجمالي.
ولتحقيق هذا المستهدف، أطلقت المملكة الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، في عام 2021، لدعم الابتكار، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد، وتوجيه الدعم لمجموعة من القطاعات الاستراتيجية.
وبحسب المحللون في مركز أبحاث “Goldman Sachs”، وهي مجموعة عالمية متخصصة في تقديم الخدمات المصرفية والاستثمارية، أحرزت المملكة تقدمًا كبيرًا نحو تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، ويتوقعون زيادة معدلات الإنجاز في المستقبل القريب، بفضل الاستعانة بالتقنيات الجديدة في القطاعات المختلفة.
في هذا التقرير، نستعرض أبرز الأرقام الصادرة عن مركز أبحاث “Goldman Sachs”، بشأن خطط الاستثمار في القطاعات الاستراتيجية حتى نهاية العقد الحالي، ومعدلات الإنجاز في تحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.
6 قطاعات رئيسية تُمنح الأولوية
يقدّر محللو مركز أبحاث “Goldman Sachs” قيمة الاستثمارات الأولية في القطاعات الستة ذات الأولوية، وهي الطاقة النظيفة، والطاقة المتجددة، والتعدين، والنقل والخدمات اللوجستية، والأنشطة النفطية، وإنتاج السيارات الكهربائية، وتقنية المعلومات والاتصالات والتحول الرقمي، بـ 3.75 تريليون ريال، حتى نهاية العقد الحالي.
ويمثّل هذا الرقم جزءًا من إجمالي تمويل الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، والذي يبلغ 12.4 تريليون ريال.
استعرض مركز أبحاث “Goldman Sachs” قيمة الاستثمارات التي ستوجّه إلى كل من القطاعات الستة الرئيسية، على النحو التالي:
– الطاقة النظيفة: تخطط المملكة لإنتاج 60 غيغاوات من الطاقة المتجددة، و2 إلى 3 غيغاوات من الطاقة النووية بحلول عام 2030، مع زيادة إنتاج الهيدروجين النظيف والمركبات الكهربائية، بإجمالي استثمارات تقدّر بـ 770 مليار ريال.
– التعدين: تستهدف المملكة من خلال قانون الاستثمار في التعدين الذي صدر عام 2021، تسهيل إصدار تراخيص التنقيب، والاستفادة من المعادن غير المستكشفة بقيمة تقدر بنحو 4.88 تريليون ريال، باستثمارات تبلغ قيمتها الإجمالية 640 مليار ريال.
– النقل والخدمات اللوجستية: أطلقت المملكة استراتيجية وطنية للنقل والخدمات اللوجستية، واستراتيجية للطيران، مع وضع خطة لتوسيع مطار الملك سلمان الدولي، وتبلغ قيمة الاستثمارات في هذه المشروعات 560 مليار ريال.
– التحول الرقمي: ستركز الاستثمارات على رفع قدرات الشبكات بالمملكة والاستفادة من الجيل الخامس “5G”، والتوسع في استخدام الألياف الضوئية، بإجمالي استثمارات يبلغ 550 مليار ريال.
– الطاقة الأولية: تتضمن الاستراتيجية الوطنية للاستثمار توسيع قدرة استخراج النفط والغاز الطبيعي بإجمالي استثمار يقدّر بـ 920 مليار ريال حتى 2030.
– الطاقة النهائية: يتزايد الطلب على المنتجات البتروكيماوية سوق البنزين والديزل، لذا تحاول الاستراتيجية الوطنية تعزيز الاستثمار ليصل إلى 375 مليار ريال.
المستهدفات الاستثمارية لرؤية 2030
تركز الاستراتيجية الوطنية للاستثمار على تعزيز دور الاستثمار الأجنبي المباشر في الاقتصاد المحلي، والذي من المتوقع أن ينمو إلى 3.4% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025، و5.7% بحلول عام 2030.
وتتوقع المملكة أن يشهد إجمالي تكوين رأس المال الثابت، والذي يمثّل حاليًا حوالي ربع الناتج المحلي الإجمالي، ارتفاعًا ليصل إلى 26.4% بحلول عام 2025، و30% بحلول عام 2030.
ومن الركائز الأساسية الأخرى للاستراتيجية الوطنية للاستثمار برنامج “شريك”، الذي تم إطلاقه عام 2021 بهدف زيادة الاستثمار المحلي لشركات القطاع الخاص المدرجة وغير المدرجة في البورصة إلى 4.88 تريليون ريال بحلول عام 2030.
وكجزء من البرنامج، الذي يشمل 28 شركة خاصة، تتطلع المملكة إلى نمو الصادرات غير النفطية لمستوى 50% ارتفاعًا من 16%، قبل إطلاقه.
نمو للاستثمارات الخارجية للمملكة
أوضح تقرير مركز أبحاث “Goldman Sachs” أن الثروة النفطية الكبيرة للمملكة مكّنتها من الوفاء بمتطلبات تطبيق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار.
وكشف التقرير أن المحللون الماليون لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة “Goldman Sachs”، يرون أن العائدات النفطية أدت إلى تحسين وضع الاستثمارات الخارجي للمملكة، ويقدّرون قيمة الزيادة فيها بين الربع الأول من عام 2021 والربع الأول من 2023 بـ 560 مليار ريال.
وسلّط التقرير الضوء على أن المملكة تمتلك أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، وهو صندوق الاستثمارات العامة، الذي شهد ارتفاع أصوله إلى ما يقرب من 2.625 تريليون ريال، مقارنة بـ 940 مليار ريال في 2018.
وقال الفريق القائم على إعداد التقرير إنه “منذ إطلاق رؤية 2030 في عام 2016، خطت المملكة خطوات كبيرة في تنمية الاقتصاد غير النفطي من خلال التطورات والاستثمارات المختلفة عبر القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية”.
وتتوقع مجموعة “Goldman Sachs” أن تتطور خطط الاستثمار في المملكة بشكل أكبر، وأن تصبح أكثر جذبًا للمستثمرين، في ظل التقدم التقني بالبلاد، والعمل المستمر على وضع استراتيجيات نهائية لتعزيز الاستثمارات في كافة القطاعات.
ملخص تقرير “Goldman Sachs” عن الاستثمار بالمملكة
– يقدّر إجمالي الاستثمارات السعودية في 6 قطاعات رئيسية، تشمل الطاقة والتعدين والنقل والخدمات اللوجستية وتقنية المعلومات والتحوّل الرقمي، حتى نهاية العقد الحالي، بحوالي 3.75 تريليون ريال.
– تصل القيمة الإجمالية للتمويل المقرر لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للاستثمار إلى 12.4 تريليون ريال.
– تخطّط المملكة لإنتاج 60 غيغاوات من الطاقة المتجددة، ومن 2 إلى 3 غيغاوات من الطاقة النووية، مع زيادة إنتاج الهيدروجين النظيف والمركبات الكهربائية، بحلول عام 2030، من خلال استثمارات تقدّر بـ 770 مليار ريال.
– تستهدف المملكة الاستفادة من المعادن غير المستكشفة بقيمة 4.88 تريليون ريال، من خلال استثمارات تصل إلى 640 مليار ريال.
– تبلغ قيمة استثمارات المملكة المخطط لها، حتى عام 2030، في قطاع النقل والخدمات اللوجستية، 560 مليار ريال.
– خططت المملكة لضخ استثمارات بقيمة 1.3 تريليون دولار في القطاع النفطي حتى نهاية العقد الحالي.
– تستهدف المملكة نمو مساهمة الاستثمار الأجنبي المباشر في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.7% بحلول عام 2030.
– تتوقع المملكة نمو رأس المال الثابت بنسبة 30% بحلول عام 2030.
– أطلقت المملكة برنامج “ِريك” في عام 2021، بهدف زيادة الاستثمار المحلي في شركات القطاع الخاص إلى 4.88 تريليون ريال بحلول عام 2030.
– ارتفعت قيمة الأصول المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة إلى 2.625 تريليون ريال في 2023، مقارنة بـ 940 مليار ريال في 2018.